كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

وظنوا معناه الإخبار بتقديمه تعالى على كل شيء، وبنوا على هذين الظنين نسبة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس عندهم بواحدة من المقدمتين علم، بل ولا ظن يستند إلى إمارة.
وهب أنهم لم يجزموا بأن مراده المعنى الآخر، فليس عندهم ما يوجب الجزم بهذا المعنى وجاء بينهم الشك، وهم ينسبون إلى الرسول ما لا علم عندهم بأنه قاله، وقد قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} ، وقال تعالى: {قل: إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ والإثم والبغي بغير الحق؛ وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً؛ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وهذا كله لا يجوز.
(الوجه العاشر) أنه قد زاد فيه بعض الناس: " وهو الآن على ما عليه كان "، وهذه الزيادة إنما زادها بعض الناس من عنده، وليست في شيء من الروايات. ثم إن منهم من يتأولها على أنه ليس معه الآن موجود، بل وجوده عين وجود المخلوقات! كما يقوله أهل وحدة الوجود الذين يقولون: عين وجود الخالق هو عين وجود المخلوق. كما يقوله ابن عربي؛ وابن سبعين؛ والقونوي؛ والتلمساني؛ وابن الفارض؛ ونحوهم. وهذا القول مما يعلم بالاضطرار شرعاً وعقلاً أنه باطل.
(الوجه الحادي عشر) أن كثيراً من الناس يجعلون هذا عمدتهم من جهة السمع: أن الحوادث لها ابتداء، وإن جنس الحوادث مسبوق بالعدم إذ لم يجدوا في الكتاب والسنة ما ينطبق به؛ مع أنهم يحكون هذا عن المسلمين واليهود والنصارى، كما يوجد مثل هذا في كتب أكثر أهل الكلام المبتدع في الإسلام

الصفحة 113