كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

[في] الكتاب الذي لم يأت من عنده كتاب أهدى منه بأنه خلق أصول هذه المخلوقات الموجودة المشهورة في ستة أيام ثم استوى على العرش.
وشرع لأهل الإيمان أن يجتمعوا كل أسبوع يوماً يعبدون الله فيه ويحتفلون بذلك، ويكون ذلك آية على الأسبوع الأول الذي خلق الله فيه السموات والأرض. ولما لم يعرف الأسبوع إلا بخبر الأنبياء فقد جاء في لغتهم عليهم السلام أسماء أيام الأسبوع فإن التسمية تتبع النصوص فالاسم يعبر عما تصوره، فلما كان تصور اليوم والشهر والحول معروفاً بالعقل تصورت ذلك الاسم وعبرت عن ذلك، واما الأسبوع فلما لم يكن في مجرد العقل ما يوجب معرفته فإنما عرف بالسمع صارت معرفته عند أهل السمع المتلقين عن الأنبياء دون غيرهم، وحينئذ فاخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وابتداء خلقه، وأنه خلقه في ستة أيام، وأما ما خلقه قبل ذلك شيئاً بعد شيء فهذا بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام القيامة ودخول أهل الجنة وأهل النار منازلهما. وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته تفصيلاً.
ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم " رواه البخاري. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرهم ببدء الخلق إلى دخول أهل الجنة والنار منازلهما.
وقوله: " بدأ الخلق " مثل قوله في الحديث الآخر: " قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " فإن الخلائق هنا المراد بها الخلائق المعروفة المخلوقة بعد خلق العرش وكونه على الماء، ولهذا كان التقدير للمخلوقات هو التقدير لخلق هذا العالم، كما في حديث القلم: ان الله لما خلقه

الصفحة 120