كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

الرابع: أن فعله وإرادته متلازمان، فما أراد أن يفعله فعله وما فعله، فقد أراده، بخلاف المخلوق، فإنه يريد ما لا يفعل، وقد يفعل ما لا يريد، فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده.
الخامس: إثبات إرادات متعددة بحسب الأفعال، وأن كل فعل له إرادة تخصه، هذا هو المعقول في الفطر، فشأنه سبحانه أنه يريد على الدوام، ويفعل ما يريد.
السادس: أن كل ما صح أن تتعلق به إرادته، جاز فعله، فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء وأن يرى عباده نفسه، وأن يتجلى لهم كيف شاء، ويخاطبهم، ويضحك إليهم، وغير ذلك مما يريد سبحانه - لم يمتنع عليه فعله، فإنه تعالى فعال لما يريد، وإنما تتوقف صحة ذلك على إخبار الصادق به، فإذا أخبر وجب التصديق، وكذلك محو ما يشاء، وإثبات ما يشاء، كل يوم هو في شأن، سبحانه وتعالى.
والقول بأن الحوادث لها أول: يلزم منه التعطيل قبل ذلك، وان الله سبحانه وتعالى لم يزل غير فاعل، ثم صار فاعلاً.

الصفحة 148