كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

فهي التي بها تمام الفعل لأنها أركانه التي لا يتحقق بدونها الفعل، وإذا كان ذلك فلماذا تأخر فعله سبحانه عن وجود الموجب التام لجميع أركانه، فإن قلتم: تأخر الفعل لأنه كان ممتنعاً في الأزل، قلنا: كذبتم بل لم يزل الفعل ممكناً، إذ لو كان ممتنعاً في الأزل لم يقبل الوجود فيما لا يزال لأن الممتنع لا ينقلب ممكناً.
وأما أدلة التسلسل الجائز من المعقول فهو:
1- لعدم امتناع ذلك في العقل فإن العقل لا يمنع أن يخلق الله خلقاً بعد خلق ويرتب وجود الثاني على الأول وهكذا.
2- أن هذا واقع فما زال الإنسان والحيوان منذ خلقه يترتب خلقه على خلق أبيه وأمه.
3- أنه تابع لدوام فعل الخلق فإن وجب دوامه في الأزل والأبد جاز دوام مفعوله لأنه حادث بعد أن لم يكن.
4- دلالة قوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد} فبين أن عدم عجزه في الأزل على الخلق دليل على عدم عجزه في الأبد.
فالتسلسل المثبت عند السلف قسمان:
أواجب وهو التسلسل في الأفعال.
ب جائز وهو التسلسل في المفعولات والشروط.
ويعبرون عنه بدوام أفعال الله ومفعولاته.

الصفحة 155