كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

يصف الله تعالى بالحد وينزه المخلوق عن عدد يبلغه الحد، أو يدركه العد، والقول بعدم تناهي المخلوقات إلى اللابداية يبطله قول الله تعالى: {وأحصى كل شيء عدداً} وقوله {إنا كل شيء خلقناه بقدر} ، وبعض من يعتقد قدم العالم بالنوع أي تسلسل الحوادث إلى لا بداية يقول متبجحاً: انه إذا قال ان الله تعالى كان وحده في الأزل ولم يكن معه أحد من المخلوقات اقتضى ذلك أنه لم يكن خالقاً ثم صار خالقاً، وان هذا تعطيل لصفة الخلق، وهذا الاشكال مع كونه منهاراً باطلاً فجوابه: ان الله تعالى كان في الأزل خالقاً ولم يخلق، أي أنه اقتضت ارادته ومشيئته أن لا يخلق فهو خالق ولم يخلق (¬1) ،
ولو شاء لخلق متى شاء (والله على كل شيء قدير) كما أخبر، وقد أخبرنا أنه كان وحده ولم يكن معه شيء في القرآن وعلى لسان رسوله الصادق المصدوق، والذي وصفه بأنه لا ينطق عن الهوى. وقال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر: وكان الله خالقاً قبل أن يخلق ورازقاً قبل أن يرزق أ 0 هـ.
وقد قال الإمام حجة الإسلام الغزالي واصفاً الفلاسفة الذين عارضوا القرآن والسنة بعقولهم الفاسدة:
بثلاثة كفر الفلاسفة العدا ... في نفيها وهي حقا مثبته
علم يجزئي حدوث عوالم ... حشر لأجساد وكانت ميتة.
¬_________
(¬1) هل لم يخلق وجوباً أو جوزاً؟ فإذ كان جوازاً فهو تجويز لحوادث لا أول لها مع أن حكم الجواز قول على الله بغير علم، وإن كان وجوباً فهل دليله العقل أم النقل؟ !!

وعلى كل حال فإن كلام السقاف أنه لو شاء الله لخلق متى شاء قول بحوادث لا أول لها فيكون قائلاً بقول ابن تيمية الذي مال إلى كفره.!! ولكن لازم المذهب ليس بمذهب.

الصفحة 176