كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

تمهيد:

خصصت هذا المبحث لأبيات نونية ابن القيم مع شرح خليل هراس ليكون مراجعة لما سبق، ولتوضيح مقالة ابن القيم في المسألة رداً على السبكي والكوثري في السيف الصقيل مع حاشيته.
وهذه الأبيات تشمل كلام الله تعالى أيضاً لصلة ذلك بالموضوع، وسوف أذكر الأبيات ثم شرح هراس عليه، وما يوجد من تعليق مني على ذلك فسيكون في الحاشية.
وقضى بأن الله كان معطلا ... والفعل ممتنع بلا امكان
ثم استحال وصار مقدوراً له ... من غير أمر قام بالديان
بل حاله سبحانه في ذاته ... قبل الحدوث وبعده سيان
الشرح
كان الجهم يقول بحدوث العالم بمعنى أنه صار موجوداً بعد أن كان معدوماً لا فرق في ذلك عنده بين أنواع الحوادث وأشخاصها. وتبعه على ذلك معظم فرق المتكلمين كالمعتزلة والأشعرية والكرامية.
ويلزم على هذا القول من الفساد أن الله عز وجل لم يزل معطلاً عن الفعل أو غير قادر عليه، ثم صار فاعلاً وقادراً من غير تجدد سبب أصلاً أوجب له القدرة والفعل. أو أن الفعل منه كان ممتنعاً في الأزل ثم صار ممكناً مقدوراً من غير سبب اقتضى إمكانه - وهذا يستلزم الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ويلزم هؤلاء أيضاً أن الحادث إذا حدث بعد أن لم يكن فلابد أن يكون ممكناً. والإمكان ليس له وقت محدد فما من وقت يقدر حدوثه فيه إلا

الصفحة 229