كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
والإمكان ثابت قبله. ليس لإمكان الفعل وصحته مبدأ ينتهي إليه، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكناً جائزاً فيلزم جواز حوادث لا نهاية لها.
فقول المؤلف رحمه الله: وقضى بأن الفعل كان معطلاً إلخ، إنما هو بيان لما يلزم مذهب جهم وشيعته في قولهم بحدوث العالم وأن له بداية في الزمان.
ويقابل قول هؤلاء قول الفلاسفة بقدوم العالم، وأنه صدر عن الله عز وجل صدور المعلول عن علته بلا قصد ولا اختيار، ولا شك أن هذا القول أفسد من سابقه وساده من الظهور بحيث لا يحتاج إلى إطالة الكلام له.
بقى القول الثالث وهو ما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها من أن الله عز وجل لم يزل حياً قادراً فعالاً لما يريد متكلماً إذا شاء بما شاء، وأن الفعل والكلام من صفات كماله التي لا يجوز تعطيله عنها في وقت من الأوقات، وأن الفعل والكلام لم يزل ممكناً مقدوراً لا يجوز القول بامتناع ذلك منه في وقت من الأوقات كذلك.
فصل في مذهب الكرامية
والقائلون بأنه بمشيئة ... في ذاته أيضاً فهم نوعان
إحداهما جعلته مبدوءًا به ... نوعاً حذار تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم ... إثبات خالق هذه الأكوان
فلذاك قالوا أنه ذو أول ... ما للفناء عليه من سلطان
وكلامه كفعاله وكلاهما ... ذو مبدأ بل ليس ينتهيان
الصفحة 230
280