كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
المتكلم أكثر من واحد، وأما الاقتران الذي تزعم الاقترانية فشيء غير معقول لذوي الأذهان بل إن استحالته ضرورية لا تحتاج إلى بيان.
******
فتقول هذا القدر قد أعيا على ... أهل الكلام وقاده أصلان
إحداهما هل فعله مفعوله ... أو غيره فهما لهم قولان
والقائلون بأنه هو عينه ... فروا من الأوصاف بالحدثان
لكن حقيقة قولهم وصريحه ... تعطيل خالق هذه الأكوان
عن فعله إذ فعله مفعوله ... لكنه ما قام بالرحمن
فعل الحقيقة ما له فعل إذ ... المفعول منفصل عن الديان
الشرح
هذا جواب المؤلف على إيراد المعتزلة الذي أرادوا به تصحيح مذهبهم في الكلام بقياسه على الفعل، وقولهم أن وصفه بالمتكلم لا يقتضي قيام الكلام به، كما لا يقتضي وصفه بفاعل قيام الفعل به، وقد استطرد المؤلف في الجواب بذكر مذاهب المتكلمين في فعله تعالى، وهل هو عين مفعوله أو غيره، فالقائلون بأنه هو عينه كالجهمية والمعتزلة إنما دعاهم إلى ذلك فرارهم من القول بقيام الحوادث بذاته، فان الفعل إذا جعل وصفاً له لم يكن إلا حادثاً، والله ليس محلا للحوادث عندهم، لأن ذلك يستلزم حدوثه، وهذا الأمر مما وافقت فيه الأشعرية المعتزلة حيث منعوا هم أيضاً قيام الحوادث بذاته، وقالوا ان مالا يخلو من الحوادث فهو حادث
وقد قادت هذه القضية الكاذبة كلا من الطائفتين إلى أحكام فاسدة، فقد التزم المعتزلة لأجلها أن يكون الفعل عين المفعول، وأن يكون كلامه تعالى مخلوقاً له
الصفحة 235
280