كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

منفصلاً عنه، والتزم الأشاعرة لأجلها بنفي الحرف والصوت، ونفي صفات الأفعال من الاستواء والمجىء، والغضب والرضى، والمحبة والسخط، والكراهية والنزول والإتيان الخ.
والتزموا أن يكون الله قد تكلم في الأزل بكلام سمعه موسى، وأنه ناداه وناجاه في الأزل إلى غير ذلك مما هذى به الفريقان مما يصادم المعقول والمنقول مصادمة صريحة.
وحقيقة قول هؤلاء المعتزلة والجهمية أن الفعل عين المفعول هو نفي الفعل وتعطيل الخالق عنه، فإنه إذا كان الفعل هو المفعول، ومعلوم أن المفعول مخلوق له منفصل عنه لم يكن له في الحقيقة فعل هو وصف له قائم به، فتفسير الفعل بالمفعول مستلزم لنفيه، وأنه ليس هناك إلا المفعول.
*****
والقائلون بأنه غير له ... متنازعون وهم فطائفتان
إحداهما قالت قديم قائم ... بالذات وهو كقدرة المنان
سموه تكويناً قديماً قاله ... اتباع شيخ العالم النعماني
وخصومهم لم ينصفوا في رده ... بل كابروهم ما أتوا ببيان
والآخرون رأوه أمراً حادثاً ... بالذات قام وإنهم نوعان
إحداهما جعلته مفتتحاً به ... حذر التسلسل ليس ذا إمكان
هذا الذي قالته كرامية ... ففعاله وكلامه سيان
الشرح
وأما القائلون بأن الفعل غير المفعول فقد انقسموا أولاً إلى طائفتين:

الصفحة 236