كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
كماله سواء ما كان فيها لازماً لذاته أو ما كان متعلقاً بمشيئته وقدرته، ليس لما يحدث في ذاته عندهم ابتداء، بل يقولون لم يزل الله متكلماً إذا شاء بما شاء وكيف شاء خلوه عنها في وقت من الأوقات لأن الخلو عن الكمال الممكن نقص مستحيل على الله، ولا يلزم من دوام فعله وكلامه قدم شيء من المفعولات، فإن الله لم يزل يفعل الأشياء ويحدثها شيئاً بعد شيء، وكذلك لم يزل متكلماً بما شاء، فكل من الكلام والفعل قديم النوع ولكن آحاده لم تزل تحدث في ذاته سبحانه بلا بداية ولا انقطاع، وهذا مستلزم للتسلسل في الآثار، وهو ليس بممتنع، بل دل الشرع والعقل على ثبوته، وإنما الممتنع هو التسلسل في العلل والمؤثرين.
وقوله في البيت الثاني: ذو إحسان خبر ثان لأن، أي لم يزل محسناً كما لم يزل متكلماً، وقوله في البيت الرابع وكذلك نص الخ، يعني به أحمد رحمه الله أنه نص في مكان آخر من كتابه الذي رد به على الجهمية على دوام فعله سبحانه بدوام إحسانه كما نص على ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما أجاب به على مسائل القران، وكذاك جعفر الصادق من أئمة أهل البيت المشهود لهم بالورع والتقوى والمعرفة الحقة. وقال لم يزل المهيمن محسناً برا جواداً في كل وقت وحال، وهذا إثبات لدوام فعله سبحانه واستمراره في أوقات الزمان كلها بلا بداية ولا انقطاع.
*****
وكذا الإمام الدارمى فإنه ... قد قال ما فيه هدى الحيران
قال الحياة مع الفعال كلاهما ... متلازمان فليس يفترقان
صدق الإمام فكل حي فهو ... فعال وذا في غاية التبيان
الصفحة 239
280