كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

في
ذاته وصفاته هو سبب كونه فاعلاً فهو سبحانه كامل ففعل، أما الكمال في المخلوقات والمكونات في أعيانها وأوصافها فهو تابع لكمال الكون المكون فإن أثر الكمال لا يكون إلا كاملاً.
وإذا كان الفعل عين كماله سبحانه لأن الكمال مستتبع له ولا يحصل إلا به. فكيف إذاً يجوز القول بامتناع الفعل منه في الأزل، ثم يصير هذا الفعل ممكناً فيما لا يزال من غير تجدد سبب أوجب ذلك الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي لا تجدد قدرة ولا إرادة ولا غيرهما.
*****
تالله قد ضلت عقول القوم إذ ... قالوا بهذا القول ذي البطلان
ماذا الذي أضحى له متجدداً ... حتى تمكن فانطقوا ببيان
والرب ليس معطلاً عن فعله ... بل كل يوم ربنا في شان
والأمر والتكوين وصف كماله ... ما فقد ذا ووجوده سيان
وتخلف التأثير بعد تمام موجبه ... محال ليس في الإمكان
والله ربي لم يزل ذا قدرة ... ومشيئة ويليهما وصفان
العلم مع وصف الحياة وهذه ... أوصاف ذات الخالق المنان
وبها تمام العقل ليس بدونها ... فعل يتم بواضح البرهان
فلأى شيء قد تأخر فعله ... مع موجب قد تم بالأركان
ما كان ممتنعاً عليه الفعل بل ... ما زال فعل الله ذا إمكان
الشرح
يعني أن هؤلاء الذين قالوا بأن الله كان معطلاً عن الفعل في الأزل وإن الفعل كان ممتنعاً منه فيما لم يزل، ثم صار ممكناً فيما لا يزال قد قالوا بما يعلم كل عاقل بطلانه وبرهنوا على سخافة عقولهم إذ لو كان الفعل ممتنعاً عنه في الأزل

الصفحة 242