كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار} فصفة القهر والعلو لا يمكن أن يتصف بها اثنان.
فصل في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب
تعالى وكلامه والانفصال عنه
فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل ... قلنا صدقتم وهو ذو إمكان
كتسلسل التأثير في مستقبل ... هل بين ذلك قط من فرقان
والله ما افترقا لذى عقل ولا ... نقل ولا نظر ولا برهان
في سلب إمكان ولا في ضده ... هذى العقول ونحن ذو أذهان
فليأت بالفرقان من هو فارق ... فرقا يبين لصالح الأذهان
وكذاك سوى الجهم بينهما ... كذا العلاف في الإنكار والبطلان
ولأجل ذا حكما بحكم باطل ... قطعا على الجنات والنيران
فالجهم أفنى الذات والعلاف ... للحركات أفنى قاله الثوران
الشرح
هذا بيان لشبهة قد ترد من جانب المانعين لدوام فاعلية الرب وكلامه بأن ذلك يستلزم التسلسل في جانب الماضي بلا بداية، فإنه ما دام نوع الفعل والكلام قديماً يجب أن يكون كل حادث منهما مسبوقاً بحادث لا ينتهي ذلك إلى حادث يعتبر أول الحوادث.
والجواب عن الشبهة المذكورة أننا نلتزم لزوم التسلسل، ولكن نمنع استحالته فإن هذا تسلسل في الحوادث والآثار وهو ممكن في جانب الماضي كما هو ممكن في جانب المستقبل بلا فارق أصلاً، فإذا كان الخصوم يسلمون بإمكان تسلسل
الصفحة 253
280