كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
التأثير في المستقبل بمعنى أنه ما من حادث إلا وبعده حادث لا ينتهي ذلك إلى حادث يعتبر آخر الحوادث فيجب عليهم أن يسلموا كذلك بإمكانه أيضاً في جانب الماضي إذ لا يدل على الفرق بينهما شيء من عقل ولا نقل، ولا يثبت ذلك الفرق بنظر ولا برهان وإلا فمن ادعى ذلك الفرق فليبينه لنا بياناً يرتضيه العقل. وقد سوى بينهما الجهم بن صفوان وأبو الهذيل العلاف لكن لا في الثبوت والإمكان بل في الإنكار والبطلان؛ فحكموا بامتناع كل منهما، وبنوا على هذا حكمهم الجائز بفناء الجنة والنار وأهلهما، فالجهم حكم بفناء الذات، وأما أبو الهذيل فقال بانقطاع الحركات، وقد سبق الكلام على ذلك فلا نطيل فيه.
*****
وأبو علي وابنه والأشعري ... وبعده ابن الطيب الرباني
وجميع أرباب الكلام الباطل ... المذموم عند أئمة الإيمان
فرقوا وقالوا ذاك فيما لم يزل ... حق وفي أزل بلا إمكان
قالوا لأجل تناقض الأزلي و ... الأحداث ما هذان يجتمعان
لكن دوام الفعل في مستقبل ... ما فيه محذور من النكران
الشرح
انقسم الناس في تسلسل الحوادث والآثار إلى ثلاث طوائف فأهل السنة والجماعة ذهبوا إلى إمكانه في جانب الماضي والمستقبل جميعاً بلا فارق،
وذهب الجهم وأبو الهذيل إلى القول بامتناعه في جانب الماضي والمستقبل جميعاً كما تقدم.
الصفحة 254
280