كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
فإذا أبيتم ذا وقلتم أول ... الآنات مفتتح بلا نكران
ما كان ذاك الآن مسبوقاً يرى ... إلا بسلب وجوده الحقاني
فيقال ما تعنون بالآنات هل ... تعنون مدة هذه الأزمان
من حين إحداث السموات العلي ... والأرض والأفلاك والقمران
ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن ... من قبلها شيء من الأكوان
هل جاءكم في ذاك من أثر ومن ... نص ومن نظر ومن برهان
هذا الكتاب وهذه الآثار و ... المعقول في الفطرات والأذهان
إنا نحاكمكم إلى ما شئتمو ... منها فكل الحق في تبيان
الشرح
لما مثل المؤلف لتعاقب الحوادث وتسلسلها فيما لم يزل ولا يزال بلا بداية ولا نهاية بتعاقب آنات الزمان، كذلك قال للخصوم المانعين: فإذا أبيتم هذا القياس ومنعتم التسلسل في المقيس عليه وهو الآنات، وقلتم إن أول الآنات مفتتح وله بداية، ولم يكن هذا الآن الأول مسبوقاً بآن قبله. وإنما كان مسبوقاً بعدم وجود، فيقال لكم: ماذا تعنون بالآنات التي أنكرتم الحكم عليها بالتسلسل هل تعنون بها مدة الأزمنة الكائنة منذ خلق الله السموات والأرض وما فيهما من الأشياء، ولا نظنكم تعنون بالزمان إلا ذلك بدليل أنكم تقيسون الزمان بحركات الأفلاك ودورانها، فهذا يفيد أن الزمان عندكم حادث بحدوث هذه الأفلاك، وأنه قبل خلق السموات والأرض لم يكن في زعمكم شيء من الأكوان موجوداً ونحن نسألكم: هل عندكم على ذلك دليل من نقل أو عقل، فهذا كتاب الله عز وجل وهذه الآثار المروية عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهذه
الصفحة 257
280