كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

هي الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وهذه هي بدائه العقول ومسلماتها، فأين تجدون زعمكم في شيء من هذه الأربع التي هي مرجع كل حجة ومصدر كل دليل، إنا نحاكمكم إلى أيها شئتم حتى يتبين الحق ويتضح، ويظهر أنكم لا ترجعون في قولكم هذا إلى دليل معتبر ولا حجة بينة.
*****
أو ليس خلق الكون في الأيام كان ... وذاك مأخوذ من القرآن
أو ليس ذلكم الزمان بمدة ... لحدوث شيء وهو عين زمان
فحقيقة الأزمان نسبة حادث ... لسواه تلك حقيقة الأزمان
واذكر حديث السبق للتقدير و ... التوقيت قبل جميع ذى الأعيان
خمسين ألفاً من سنين عدها ... المختار سابقة لذى الأكوان
هذا وعرش الرب فوق الماء من ... قبل السنين بمدة وزمان
الشرح
يعني أن الأدلة من النقل والعقل دلت على فساد زعم هؤلاء أن السموات والأرض هما أول المخلوقات، وأنه لم يكن قبلهما شيء يمكن أن يقاس به الزمان، فقد ذكر الله عز وجل في عدة مواضع من القرآن أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، وهذه الأيام التي جعلها الله مدة وظرفاً لذلك الخلق هي جملة معينة من الزمان، وحقيقة الزمان هي نسبة حادث إلى آخر، فلابد أن تكون هذه الأيام مقدرة بحركة أخرى غير سير الشمس والقمر إذ كانت سابقة عليهما وهذا يدل على وجود أزمنة ومخلوقات قبل خلق السموات والأرض، وهذا هو ما يشهد له الحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - (قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه

الصفحة 258