كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
- صلى الله عليه وسلم - (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)
فهذا صريح أن التقدير إنما وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم بلا مهلة لما رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (إن أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب، قال يا رب وماذا أكتب قال أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) يعني أنه عند أول خلقه للقلم قال له أكتب، بدليل الرواية الأخرى (أول ما خلق الله القلم قال له أكتب) بنصب أول على الظرفية، ونصب القلم على المفعولية وأما على رواية رفع أول والقلم فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، - يعني عالم الأقلام - ليتفق الحديثان، إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير، والتقدير مقارن لخلق القلم وفي لفظ (لما خلق الله القلم قال له أكتب) فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة بقدرة الله عز وجل.
*****
أفكان رب العرش جل جلاله ... من قبل ذا عجز وذا نقصان
أم لم يزل ذا قدرة والفعل ... مقدور له أبدا وذو إمكان
فلئن سألت وقلت ما هذا الذي ... أداهم لخلاف ذا التبيان
ولأي شيء لم يقولوا إنه ... سبحانه هو دائم الإحسان
فاعلم بأن القوم لما أسسوا ... أصل الكلام عموا عن القرآن
وعن الحديث ومقتضى المعقول بل ... عن فطرة الرحمن والبرهان
وبنوا قواعدهم عليه فقادهم ... قسراً إلى التعطيل والبطلان
الصفحة 260
280