كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
فمن الذي يأتي بفتح بين ... ينجي الورى من غمرة الحيران
فالله يجزيه الذي هو أهله ... من جنة المأوى مع الرضوان
الشرح
هذا هو الأصل الذي أسسوه وبنوا عليه مذاهبهم في تعطيل الرب سبحانه عن صفاته الإختيارية التي تحدث في ذاته بمشيئته وهو الحكم بامتناع قيام الحوادث بذاته إذ لو قامت به الحوادث من الأفعال لوجب القول بتسلسلها وتعاقبها في الوجود شيئاً قبل شيء لا إلى أول، وهذا يؤدي بدوره إلى القول بتسلسل الأعيان التي هي المفعولات وبذلك تكون هذه المفعولات قديمة فينسد حينئذ طريق إثبات الصانع إذ كان الطريق إلى إثباته هو لزوم الحدوث لهذه المخلوقات وعدم انفكاكها عنه، فإذا تسلسلت بطل دليل حدوثها فلأجل هذا قالوا ببطلان التسلسل ولزم الحدوث للأجسام.
وهذه الآراء التي تقدم ذكرها هي غاية ما وصلت إليه عقول الورى في هذا المقام الذي هو مزلة الأقدام ومضلة الأفهام فمن ذا يستطيع أن يأتي فيه بحكم بين وقول فصل ينجي به الناس من هذه الحيرة الغامرة ويكون له عند الله ما هو له أهل من جنة ورضوان.
*****
فاسمع إذاً وافهم فذاك معطل**** ومشبه وهداك ذو الغفران
هذا الليل هو الذي أرداهم ... بل هد كل قواعد القرآن
وهو الدليل الباطل المردود ... عند أئمة التحقيق والعرفان
ما زال أمر الناس معتدلاً إلى ... أن دار في الأوراق والأذهان
وتمكنت أجزاؤه بقلوبهم ... فأتت لوازمه إلى الإيمان
الصفحة 262
280