كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
لم يزل فاعلاً لها إذا شاء فإنه لا يدل على امتناعه دليل بل نصوص الكتاب والسنة تثبته ولا تنفيه.
فقد تبين بذلك بطلان دليل هؤلاء وفساده ومصادمته للنصوص ولهذا اشتغل برده وإبطاله كثير من أئمة التحقيق والعرفان. ولقد كان أمر الناس معتدلاً وبعيداً عن الزيغ والانحراف قبل أن يلقي الشيطان بهذا الدليل إلى أوليائه من الإنس، ويدفعهم إلى أن يشيعوه بين الناس ويشتغلوا به كتابة وتفكيراً حتى تمكنت قضاياه من قلوبهم فالتزموا من أجله اللوازم الفاسدة التي أتت على الإيمان من القواعد حتى هوى بناؤه وتداعت أركانه، وجنوا على الإسلام أكبر جناية ومكنوا منه أعداءه وأعطوهم السلاح الذي يستطيعون محاربته به، فقد جاء الفلاسفة واستغلوا هذا الدليل الذي هو عمدة المتكلمين في القول بالإيجاب ونفي الاختيار عن الله عز وجل والقول بقدم العالم إلخ.
*****
حملوا بأسلحة المحال فخانهم ... ذاك السلاح فما اشتفوا بطعان
وأتى العدو إلى سلاحهم ... فقاتلهم به في غيبة الفرسان
يا محنة الإسلام والقرآن من ... جهل الصديق وبغي ذي طغيان
والله لولا الله ناصر دينه ... وكتابه بالحق والبرهان
لتخطفت أعداؤنا أرواحنا ... ولقطعت منا عرى الإيمان
الشرح
يعني أن هؤلاء الجهلة من المتكلمين الذين لا يحسنون الدفاع عن الإسلام ضد خصومه وأعدائه حملوا على هؤلاء الخصوم بأسلحة مفلولة، والمراد بها الأدلة الباطلة المحالة فخانهم سلاحهم ولم يسعفهم ولا شفي منهم الصدور عند
الصفحة 264
280