كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
الطعان، ثم جاء العدو الماكر فاستلب منهم هذا السلاح وقاتلهم به فأصماهم حيث قال لهم أنتم تمنعون قيام الحوادث بذاته تعالى، فلماذا قلتم بحدوث العالم مع أن كل ما يحتاج إليه في الفعل موجود في الأزل من علم شامل وقدرة تامة وإرادة نافذة. فلماذا إذاً يتأخر وجود المراد مع أنه لم يحدث في ذات الرب سبحانه شيء لا تجدد قدرة ولا إرادة ولا وجود آلة يستعين بها على الايجاد الخ.
وهكذا قاتلتم العدو بنفس السلاح، وكان ذلك في غيبة فرسان الإسلام الحقيقيين ذوي الأسلحة الماضية وهكذا كانت محنة الإسلام والقرآن في الصديق الجاهل كمحنته في العدو الظالم، فتعاون الفريقان على هدمه وإفساده وإن كان الفريق الأول لم يقصد إلى ذلك، ولولا أن الله ناصر دينه وكتابه بالحجة والبرهان لمزقنا الأعداء شر ممزق ولسلبونا أرواحنا من جسومنا ولقطعوا منا عرى الإيمان.
*****
أيكون حقاً ذا الدليل وما اهتدى ... خير القرون له محال ذان
وفقتمو للحق إذ حرموه في ... أصل اليقين ومقعد العرفان
وهديتمونا للذي لم يهتدوا ... أبداً به واشدة الحرمان
ودخلتم للحق من باب وما ... دخلوه واعجباً لذا الخذلان
وسلكتم طرق الهدى والعلم ... دون القوم واعجباً لذا البهتان
وعرفتم الرحمن بالأجسام ... والأعراض والحركات والألوان
وهم فما عرفوه منها بل من ... الآيات وهي فغير ذى برهان
الله أكبر انتم أو هم على ... حق وفي غي وفي خسران
الصفحة 265
280