كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث
الشرح
ينكر المؤلف على هؤلاء المتكلمين اعتمادهم في إثبات وجود الله عز وجل الذي هو أعظم المطالب في الدين على هذا الدليل المتقدم المبني على حدوث الجواهر والأعراض، حتى ذهب بعضهم جهلاً وغلوا إلى أن من لم يؤمن بالله عن طريقه لم يصح إيمانه، فهو يقول لهم لو كان دليلكم هذا حقاً. ويتوقف الإيمان بالله عز وجل على معرفته، كيف لم يهتد إليه خير القرون وأفضلها، وهم أكمل هذه الأمة علماً وإيماناً، هذا محال، وكيف يعقل أن توفقوا أنتم يا أذناب الفلاسفة وإخوان الزنادقة للحق في أصل اليقين وأساس الإيمان في حين يرجع هؤلاء الأفاضل الكملة بالخيبة والحرمان، وكيف جاز أن تهتدوا أنتم إلى ما لم يهتدوا إليه أو تدخلوا إلى الحق من باب لم يعرفوه أو تسلكوا إلى العلم والهدى طريقاً لم يسلكوه، ولكنكم لا تتورعون عن رمي القوم بالجهل وقلة المعرفة حيث قلتم أن مذهبنا أعلى وأحكم. ومذهب السلف أسلم. وزعمتم أنكم عرفتم ربكم بدليل العقل وهو يفيد القطع واليقين. أما القوم فما عرفوه إلا من طريق الآيات القرآنية وهي في زعمكم لا تفيد إلا الظن وإقناع السامعين.
فيا عجباً لكم تخالفون طريق القوم وتزعمون أنكم على الحق والهدى. فمن أحق بذلك، أنتم أم هم؟ لا شك أنهم أولى وأحق بكل حق وكل هدى. وليس لمن خالفهم واتبع غير سبيلهم إلا الوقوع في الغي والضلال.
*****
دع ذا أليس الله قد أبدى لنا ... حق الأدلة وهي في القرآن
متنوعات صرفت وتظاهرت ... في كل وجه فهي ذو أفنان
معلومة للعقل أو مشهودة ... للحس أو في فطرة الرحمن
الصفحة 266
280