كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

لسمعتم لدليلكم في بعضها ... خبراً أو احسستم له ببيان
أيكون أصل الدين ما تم الهدى ... إلا به وبه قوى الإيمان
وسواه ليس بموجب من لم يحط ... علماً به لم ينج من كفران
الشرح
ولندع مخالفتكم لطريق القوم جانباً ولنسألكم هل تعتقدون أن الله عز وجل قد بين لنا الأدلة الحقة على وجوده في القرآن وصرفها ونوعها لتتظاهر على إثبات هذا المطلوب الأعظم من كل وجه. وحتى لا يبقى فيه لبس ولا خفاء أصلاً، فمنها ما هو معلوم للعقل، ومنها ما هو مشهود للحس، ومنها ما يرجع إلى الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها فمع كل هذه الأدلة المتكاثرة التي جاء بها القرآن هل سمعتم في بعضها خبراً عن دليلكم هذا الذي جعلتموه عمدتكم في الاستدلال وأهملتم لأجله كل ما جاء بالقرآن الكريم من أنواع الأدلة بحجة أنها لا تفيد ما يفيده هذا الدليل من قطع ويقين، فهل يعقل أن يكون دليلكم (ولم يرد له في كتاب الله ذكر ولا وقعت إليه إشارة مع كثرة ما أورد من أدلة) هو أصل اليقين والإيمان وسواه من الأدلة ليس بموصل لهذا المطلوب ولا محصل للإيمان وأن الواجب هو معرفة الله بهذا الدليل الفاسد، وأن من لم يحط به علماً لم ينج من كفران ولم تحصل له حقيقة الإيمان.
*****
والله ثم رسوله قد بينا ... طرق الهدى في غاية التبيان
فلأى شيء أعرضا عنه ولم ... نسمعه في أثر ولا قرآن
لمن أتانا بعد خير قروننا ... بظهور أحداث من الشيطان
وعلى لسان الجهم جاءوا حزبه ... من كل صاحب بدعة حيران

الصفحة 267