كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

ولذلك اشتد النكير عليهم ... من سائر العلماء في البلدان
صاحوا بهم من كل قطر بل رموا ... في إثرهم بثواقب الشبهان
عرفوا الذي يفضي إليه قولهم ... ودليلهم بحقيقة العرفان
وأخو الجهالة في خفارة جهله ... والجهل قد ينجي من الكفران
الشرح
يعني أن الله ورسوله قد بينا جميع الطرق المعرفة بالله غاية البيان، فإذا كان دليل هؤلاء حقاً فلماذا لم يذكره الله ولا رسوله، ولم نسمع عنه لا في قرآن ولا أثر، ولكنه دليل باطل متهافت ومقدماته. على ما فيها من خفاء وبعد.
ليست كلها صحيحة وهو دليل مبتدع متلقي من مبادىء الفلسفة اليونانية الوثنية فإن الكلام في الجسم والعرض والجوهر وغيرها لم يظهر إلا بعد ترجمة هذه الفلسفة إلى العربية في عهد المأمون ومن بعده من خلفاء العباسيين وكان أول من أحدثه هو الجهم وحزبه من المبتدعة الضلال ولهذا لما أطلع أئمة الحق على حقيقة هذا الدليل وما فيه من تناقض واضطراب أنكروا على أهله غاية الإنكار وحذروا منه غاية التحذير لعلمهم بما يفضي إليه من لوازم فاسدة فيها هدم لكل قواعد الإسلام ولسنا نعرف أحداً اختص هذا الدليل بالنقد المر اللاذع. وأبان عن تناقضه وفساده بأدلة العقل والنقل بمثل ما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (العقل والنقل) و ... (منهاج السنة) فقد أتى فيه بما يشفي ويقنع فجزاه الله عن الإيمان وأهله خير الجزاء.

الصفحة 268