كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

مثلاً كما ذكره في الصفدية (2/146) .
الثاني: القدم بمعنى الشيء المتعاقب شيئاً بعد شيء أي أنه مسبوق بالعدم من حيث عين الفعل والمفعول لكنه متعاقب ومستمر فيطلق على الفعل المتعاقب والمفعول المتعاقب انه قديم أيضاً لكن من حيث النوع المتوالي وعدم سبق العدم عليه واضح من كون لازم ذلك أن يكون الرب معطلاً ثم خلق كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام عن أهل الكلام ولهذا قال في الصفدية (2/47) في بيان المعنيين السابقين:
ولفظ القديم والأزلي فيه إجمال. فقد يراد بالقديم الشيء المعين الذي ما زال موجوداً ليس لوجوده أول، ويراد بالقديم الشيء الذي يكون شيئاً بعد شيء، فنوعه المتوالي قديم، وليس شيء منه بعينه قديماً ولا مجموعه قديم، ولكن هو في نفسه قديم بهذا الاعتبار، فالتأثير الدائم الذي يكون شيئاً بعد شيء، وهو من لوازم ذاته، هو قديم النوع، وليس شيء من أعيانه قديماً، فليس شيء من أعيان الآثار قديماً، لا الفلك ولا غيره، ولا ما يسمى عقولاً ولا نفوساً ولا غير ذلك، فليس هو في وقت معين من الأوقات مؤثراً في حادث بعد حادث، ولكنه دائماً مؤثر في حادث بعد حادث، كما أنه ليس هو في وقت بعينه مؤثراً في مجموع الحوادث، بل هو مؤثر شيئاً بعد شيء، وهو مؤثر في حادث بعد حادث وقتاً بعد وقت، فإذا كان المفعول مستلزماً للحوادث لم يفعل إلا والحوادث مفعوله معه، وهي وإن كانت مفعولة فيه شيئاً بعد شيء، فالمحدث لها شيئاً بعد شيء إن أحدث مقارنها في وقت بعينه، لزم أن يكون محدثاً من جملتها، وهو المطلوب.

الصفحة 44