كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

سواء (¬1) .
ويقول هذا العلم: إن الكون نشأ عن الانفجار العظيم وظل يتمدد ولا يزال، والسؤال: أين يتمدد بل أين وقع الانفجار؟ إن العقل البشري لا يستطيع أن يتخيل الانفجار والتمدد إلا في مكان وزمان، ولكن العلم يقول: إن هذا التخيل خطأ قطعاً! فالزمان والمكان إنما وجدا داخل العالم لا قبله ولا خارجه، وإذن فلا جواب على هذا السؤال أبداً! (¬2) .
وهكذا فالزمان والمكان وكل ما تدركه حواسنا من الموجودات هي من النسبية بحيث لا يحق لنا ادعاء تصور كنه حقائقها فضلاً عن التحدث عنها وصدق الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} وصدق جل شأنه حين قال: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} وإذا ثبت هذا في المحسوسات فما بالك بما لا يدخل تحت الحواس، بل لا يمكن أن يدخل تحت خيالنا المحدود، فأي سخافة وحماقة ترتكبها أمة الوحي المعصوم حين ترجع في
¬_________
(¬1) وقد ضرب شيخ الإسلام لذلك مثلاً بأنه لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن الأرض في كل مدينة من الخردل ما يملؤها وقدر أنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة في الخردل كله والزل لم ينته ولو قدر ذلك أضعافاً لا تنتهي. وهكذا يتضح أن استدلال المتكلمين ببرهان التطبيق فاسد فلا فرق بين عالم واحد أو حادث واحد وبين ألوف المليارات من العوالم أو الحوادث ما دام أحد طرفي السلسلة لا نهائياً. وإذا قصرت عقولنا عن تصور عدد ما من العوالم أو الحوادث مهما كبر فنحن عن تصور ما لا نهاية له أعجز وبالتالي يكون نفي وجود هذه العوالم غير المتناهية إنما هو هروب من الإقرار بعجز عقولنا والفرض الصحيح هو أن نقر بأن كلا طرفي السلسلة لا نهائي!!
(¬2) ... انظر الكون، ص19 تأليف كارل ساغان، عالم المعرفة الكويت رقم 178. .

الصفحة 7