كتاب قدم العالم وتسلسل الحوادث

أما حصوله لا لأمر أصلاً، فهو غير معقول، وأما حصوله لأمر [ما] سواء كان ذلك وجوداً [بعد عدم، أو كان عدماً] بعد وجود، فحصول ذلك التبدل في ذلك الوقت بعينه، إما ان يكون واجباً أو ممكناً فإن كان واجباً عاد التقسيم الأول فيه، وهو أن اختصاص ذلك التبدل بذلك الوقت المعين من غير سبب: كلام لا يقبله العقل. وإن كان ممكناً فحينئذ يمكن حصول ذلك قبل ذلك الوقت، وبتقدير حصول ذلك التبدل قبل [حصول] ذلك الوقت، لزم حصول ذلك الإمكان قبل ذلك الوقت. وإذا كان كذلك فذلك الشيء كان ممكن الوجود قبل ذلك الوقت، وكنا فرضناه ممتنعاً. هذا خلف. فثبت: أن القول بإثبات أول لهذا الإمكان، ولهذه الصحة: كلام لا يقبله العقل.
5- إن الذي يكون ممتنعاً لذاته، وجب أن يكون ممتنعاً أبداً والذي يكون ممكناً لذاته، وجب أن يكون ممكناً أبدا. ولو جاز التغير على هذه المعاني، فحينئذ لا يبقي للعقل أمان في الحكم بجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات فلعل الجمع بين الضدين وإن كان ممتنعاً، فسيجيء وقت يصير فيه واجباً لعينه، ولعل كون الأربعة زوجاً، وإن كان واجباً لذاته، فسيجيء وقت يصير فيه ممتنعاً لعينه. وبالجملة: فالعقل إنما يمكنه تركيب المقدمات بناء على أن ما يكون ممتنعاً لعينه، وجب أن يكون كذلك أبداً، وما كان واجباً لعينه، وجب أن يكون كذلك أبداً فإن أدخلنا الطعن والتكذيب في هذه المقدمة، فحينئذ لا يبقى عند العقل مقدمة يمكنه الجزم بها، وذلك [دخول في السفسطة] .
وطرد الجهم قاعدته في المستقبل أيضاً وقال بامتناع الحوادث فيها، وأما العلاف

الصفحة 91