كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ. إِنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَوْلَى بِالْفَضْلِ لِمَا يَعْرِضُ لِلْآدَمِيِّينَ مِنَ الْأَشْغَالِ وَالنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَمَنْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَانَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا.
وَقَدْ رَأَيْنَا النَّاسَ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَفِيمَا تَطَوَّعُوا بِهِ يُؤْمَرُونَ بِتَعْجِيلِهِ إِذَا
أَمْكَنَ لِمَا يَعْرِضُ لِلْآدَمِيِّينَ مِنَ الْأَشْغَالِ وَالنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ الَّتِي لَا تَجْهَلُهَا الْعُقُولُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ: (أَتَعُدُّ) خَبَرَ رَافِعٍ يُخَالِفُ خَبَرَ عَائِشَةَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا. فَقَالَ: فَبِأَيِّ وَجْهٍ يُوَافِقُهُ؟ فَقُلْتُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَضَّ النَّاسَ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ، وَأَخْبَرَ بِالْفَضْلِ فِيهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّاغِبِينَ مَنْ يُقَدِّمُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ الْآخِرِ فَقَالَ - يَعْنِي - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَسَفِرُوا بِالْفَجْرِ يَعْنِي: حِينَ يَتَبَيَّنُ الْفَجْرُ الْآخِرُ مُعْتَرِضًا.

بَابٌ فِي الْمَسْبُوقِ يُصَلِّي مَا فَاتَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخُ ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ كَرِيمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ وَالْإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا صَنَعَ.
هَذَا حُكْمٌ ثَابِتٌ مَعْمُولٌ بِهِ، وَهُوَ نَاسِخٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي الصَّلَاةَ إِذَا جَاءَ

الصفحة 104