كتاب معجم أبي يعلى الموصلي

9 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْوَسَاوِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ: «§اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ؛ فَإِنَّهَا تُقِيمُ الْعِوَجَ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَتَقَعُ مِنَ الْجَائِعِ مَوْقِعَهَا مِنَ الشَّبْعَانِ»
10 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَسَاوِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ، وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي -[43]-، فَقَالَ: " شَعَرْتُ أَنِّي نِمْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، §فَإِذَا دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، مُضْطَرِبُ الْأُذُنَيْنِ، فَرَكِبْتُهُ، فَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَ بِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ، وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ بِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ، وَقَصُرَتْ يَدَاهُ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَفُوتُنِي، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقَتْهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ: إِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامْ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ: أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: شَرِبْتَ اللَّبَنَ، وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ. ثُمَّ رَكِبْتُهُ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ " قَالَتْ: فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ، وَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ عَمِّ أَنْ تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَشِيًّا؛ فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صَدَّقَكَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ، فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ فَوْقَ إِزَارِهِ، وَكَأَنَّهُ طَيُّ الْقَرَاطِيسِ، وَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ، كَادَ يَخْتَطِفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْحَكِ، اتْبَعِيهِ، فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ، وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي -[44]- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: " إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، مِنْهُمْ: إِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ " فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ: صِفْهُمْ لِي فَقَالَ: «أَمَّا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ، وَدُونَ الطَّوِيلِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ، ظَاهِرُ الدَّمِ، جَعْدُ الشَّعْرِ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضَخْمٌ آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، خَارِجُ اللَّثَةِ، عَابِسٌ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَاللَّهِ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلْقًا وَخُلُقًا» فَضَجُّوا، وَأَعْظَمُوا ذَاكَ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ: كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ كَانَ أَمَمًا غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُصْعِدًا شَهْرًا، وَمُنْحَدِرًا شَهْرًا، تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ؟، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا أُصَدِّقُكَ، وَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي تَقُولُ قَطُّ، وَكَانَ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ، أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَهَدَمَهُ، فَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَا مُطْعِمُ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ جَبَهْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قَالَ: «دَخَلَتْهُ لَيْلًا، وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا» . فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ -[45]- السَّلَامُ، فَصَوَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا» ، وَأَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عِنْدَهُ يَقُولُ: صَدَقْتَ، صَدَقْتَ. قَالَتْ نَبْعَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمَّاكَ الصِّدِّيقَ» قَالُوا: يَا مُطْعِمُ، دَعْنَا نَسْأَلْهُ عَمَّا هُوَ أَغْنَى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا، فَقَالَ: «أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ، وَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، فَسَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ» . فَقَالُوا: هَذَا وَالْإِلَهِ آيَةٌ. قَالَ: «ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ، فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ، وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ، عَلَيْهِ جَوَالِقُ مُحِيطٌ بِبَيَاضٍ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ أَمْ لَا، فَسَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ» . قَالُوا: هَذِهِ وَاللَّهِ آيَةٌ قَالَ: «ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ، يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ، وَهَاهِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ» ، فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: سَاحِرٌ. فَانْطَلَقُوا، فَنَظَرُوا، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ، فَرَمَوْهُ بِالسَّحَرِ، وَقَالُوا: صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] قُلْتُ لِأُمِّ هَانِئٍ: مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَتِ: الَّذِينَ خُوِّفُوا، فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا

الصفحة 42