كتاب تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

وفي باب من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى:
ذكر الشارح رحمه الله في (ص 169، 170) سبب نزول قوله تعالى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 1 وفسر قوله {رَهَقاً} بمعان كثيرة، وهذا لم يأت في الشرحين الآخرين.
وتحت حديث خولة بنت حكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك "2.
ذكر الشارح في (ص 171، 172) بيانًا لهذا الحديث، حديث أبي داود والنسائي أن رجلا جاء فقال: لدغت الليلة فلم أنم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك "3
ونقل رحمه الله في (ص 172) عن ابن التين أن الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحاني، إذا كان على لسان الأبرار فإنه يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى.
وذكر في ذلك في (ص 172 - 173) عن عائشة - رضي الله عنها - " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين بكلمات الله التامات "4.
وفي باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعوه:
نقل رحمه الله في (ص 174) في معنى قول الله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} 5 الآية، أن معنى ما لا ينفعك: يعني إن عبدته. ودعوته.
ومعنى ولا يضرك، يعني: إذا تركت عبادته.
وبين في (ص 174 - 175) أن الخطاب في هذه الآية وإن كان في الظاهر للنبي صلى الله عليه وسلم إلا أن المراد به غيره، فيكون المعنى: لا تدع أيها الإنسان من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك.
__________
(1) سورة الجن، الآية: 6.
(2) مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2708) , والترمذي: الدعوات (3437) , وابن ماجه: الطب (3547) , وأحمد (6/378 ,6/409) , والدارمي: الاستئذان (2680) .
(3) مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2709) , وأحمد (2/375) , ومالك: الجامع (1774) .
(4) البخاري: أحاديث الأنبياء (3371) , والترمذي: الطب (2060) , وابن ماجه: الطب (3525) .
(5) سورة يونس، الآية: 106.
فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم.....
__________
واعلم أنه إذا أمر الإمام بنقلها وجب نقلها إليه وفرقها حيث شاء.
{فإن هم أطاعوك لذلك} أي: انقادوا لك بذلك {فإياك وكرائم أموالهم} أي: باعد نفسك واترك كرائم أموالهم فلا تلزمهم بها، والكريمة: العزيزة عند مالكها لكونها أكولة، أي: مسمنة للأكل، أو قريبة العهد بالولادة، أو حاملاً، أو فحلاً معدًا للضراب، والحكمة في المنع من ذلك أن الزكاة وجبت مواساة للفقراء في مال الأغنياء فلا يناسب ذلك الإجحاف بأرباب الأموال {واتق دعوة المظلوم} أي: اجتنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، وهذا الخطاب وإن كان المخاطب به معاذًا فهو عام للخاص والعام، وفي حديث آخر عن علي رضي الله عنه " اتق دعوة المظلوم فإنما يسأل الله حقه وإن الله لن1 يمنع ذا حق حقه "2 والله تعالى يقول: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} 3 ويقول تعالى لمن ظلم: " لأنصرنك ولو بعد
__________
(1) في ((ر)) : (لم يمنع) .
(2) ((شعب الإيمان)) للبيهقي: (6/49, ح 7464) , ((تاريخ بغداد)) : (9/301-302) . ((الجامع الصغير للسيوطي مع الفيض)) : (1/25) . الحديث رمز له السيوطي بالضعف. وقال الشيخ الألباني: ضعيف. انظر: ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) : (4/191, ح 1697) , و ((ضعيف الجامع)) : (ص 18, ح 110) .
(3) سورة إبراهيم، الآية: 42.

الصفحة 103