كتاب تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

وفي لفظ قال: ثم من؟ قال: "العلماء"، قال: ثم من؟ قال: "الصالحون ". وقوله صلى الله عليه وسلم " إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله "1 وذكر الشارح في خاتمة الباب من (ص 370 - 372) بعض الأحاديث في فضل الإيمان بالقضاء والقدر والتيسير لمن صبر ورضي بحكم الله.
وفي باب ما جاء في الرياء: وتحت قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 2.
ذكر الشارح في (ص 373) عن ابن عباس في معنى هذه الآية أن الله تعالى علم رسوله صلى الله عليه وسلم التواضع لئلا يزهو على خلقه فأمره أن يقر فيقول: " إني آدمي مثلكم إلا أنني خصصت بالوحي ".
وفسر في (ص 373) قوله تعالى: {يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} 3 بالخوف والأمل جميعًا، ونقل في ذلك ما ذكر من أن هذه الآية تجمع شرطي قبول العمل. وتحت حديث أبي هريرة مرفوعا: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه "4.
ذكر الشارح في (ص 375) معنى قوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} 5 فنقل معناها عن البغوي بأنه لا تبطلوا أعمالكم يعني بالرياء والسمعة; لأن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم. ثم ذكر بعد ذلك أثرا وحديثًا في ذم الرياء.
وتحت حديث أبي سعيد مرفوعا: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم
__________
(1) أبو داود: الجنائز (3090) , وأحمد (5/272) .
(2) سورة الكهف، الآية: 110.
(3) سورة الكهف، الآية: 110.
(4) مسلم: الزهد والرقائق (2985) , وابن ماجه: الزهد (4202) , وأحمد (2/301 ,2/435) .
(5) سورة محمد، الآية: 33.
عن عمران بن حصين صلى الله عليه وسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ فقال: من الواهنة. قال: انزعها فإنها لا تزيد إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا "1.
__________
بدأ الشيخ -رحمه الله تعالى- في تفسير بيان الشرك الأصغر، فذكر من ذلك لبس الحلقة والخيط، واستدل بالآيات التي نزلت في الأكبر على من فعل الشرك الأصغر، وكما2 ذكر حذيفة رضي الله عنه في هذا الباب3.
{عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: " ما هذه؟ " فقال: من الواهنة} وهي علة تحصل في الأعضاء تسقط القوة وتبطل الحركة، ومثله الوانية [وعلاجهما] 4 عند الأطباء شيء واحد.
{قال: "انزعها فإنها [لا تزيدك] ،5 إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك
__________
(1) ابن ماجه: الطب (3531) , وأحمد (4/445) .
(2) هكذا في جميع النسخ: (وكما) , وليس للواو محل هنا فالأولى حذفه.
(3) انظر: (ص 123) فقد أنكر حذيفة -رضي الله عنه- على من رأى في يده خيطا من الحمى حيث قطعه ثم تلا قول الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] . ولقد كان السلف يفزعون لنصوص الوعيد عموما ولا أدل على ذلك مما روي عن عبد الله بن مسعود أنه لما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله, فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} إنما هو الشرك. ((مسند الإمام أحمد)) : (1/378) .
(4) في ((الأصل)) و ((ش)) بالإفراد, وما أثبته من ((ر)) , و ((ع)) هو الموافق للسياق.
(5) في ((الأصل ((: (لا تزيد) , وفي بقية النسخ والمؤلفات تزيدك, وهو الموافق لأصل الحديث.

الصفحة 120