كتاب تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

دور الحفاظية في إقامة دولة التوحيد في بلادهم:
لقد كان لعلماء الحفاظية دورٌ كبيرٌ في قيام ذلك النظام السياسي والديني في أرجاء عسير في تلك الفترة من الزمن بسبب توليهم لأهم المناصب في ذلك الوقت من قضاء وإرشاد وفتوى، ولم يكونوا ليحصلوا على هذه الدرجة لولا إيمانهم بمبادئ الدعوة إلى التوحيد وتعمقها في نفوسهم فنصروها وأيدوها بكل ما أوتوا من قوة في العبارة وجهاد بالنفس والمال، ومن الأمثلة الحية الدالة على شغف قلوبهم بدعوة التوحيد والقائمين عليها تلك الخطبة التي ألقاها الشيخ محمد بن هادي (أبو المؤلف) لما بلغته وفاة الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود1.
وفي هذه الخطبة تظهر المحبة البالغة التي كان يكنها العلماء الحفاظية لدعوة التوحيد وعلمائها وأمرائها ومن تلك الخطبة قوله: (ألا وإن إمام زماننا ومحيي موات ديننا الذي جمع شمل الأمة على كلمة التوحيد وشيد حصن لا إله إلا الله على أرسخ أساس، وأرفع تشييد، وجدد دين الله بعد اندراسه وبين حق الله على العبيد، من نفى بأسياف عزمه الشرك والطواغيت والجحود، الداعي إلى الله المجدد لدين الله عبد العزيز بن محمد بن سعود قد قتل شهيدًا ولقي ربه حميدًا) .
ومن الأمثلة الدالة على منافحتهم عن دعوة التوحيد وبيانها للناس تلك القصيدة2 التي أرسلها الشيخ محمد بن أحمد الحفظي إلى حاكم المخلاف السليماني الشريف علي بن حيدر وقاضيه عبد الرحمن البهكلي
__________
(1) انظر: كتاب ((الظل الممدود)) : ص 33.
(2) انظر: ((نفحات من عسير)) : ص 58 , و ((المخلاف السليماني)) للبهكلي (مخطوط) : ق2.
الخامس: قوله: {والمساكين} المسكين: الذي ركبه ذل الفاقة والفقر فتمسكن لذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله،- وأحسبه قال: كالقائم 1 الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر "2.
السادس: قوله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} أي: أحسنوا إلى الجار ذي القربى، وهو الذي قرب جواره منك
السابع: قوله: {وَالْجَارِ الْجُنُب} وهو الذي بعد جواره منك، وقيل: الجار ذي القربى هو القريب، والجار الجنب3 الأجنبي الذي ليس بينك وبينه قرابة. عن ابن عمر4 -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما زال
__________
(1) في ((ر)) : (وأحسبه كالقائم الذي.....إلخ) .
(2) البخاري: الأدب (6007) , ومسلم: الزهد والرقائق (2982) , والترمذي: البر والصلة (1969) , والنسائي: الزكاة (2577) , وابن ماجه: التجارات (2140) , وأحمد (2/361) .
(3) قوله: (الذي بعد جواره منك, وقيل: الجار ذي القربى هو القريب والجار الجنب) سقط من ((ر)) .
(4) هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب -أبو عبد الرحمن- صحابي جليل أسلم مع أبيه صغيرًا, ولم يشهد أحدا لصغره, قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل , قال: وكان بعد لا ينام من الليل إلا القليل. مات سنة 74هـ, وقيل: 73هـ. انظر ترجمته في: ((سير أعلام النبلاء)) : (3/ 203-239) , ((طبقات ابن سعد)) : (4/ 142-188) , ((تاريخ بغداد)) : (1/ 171-173) .

الصفحة 37