كتاب تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد (اسم الجزء: 1)

يجب الإيمان بها من غير تمثيل ولا تعطيل، وأنشد في ذلك قول الشيباني:
فلا مذهب التشبيه نرضاه مذهبًا ولا مقصد التعطيل نرضاه مقصدًا1.
الإيمان بالقدر:
ويعتقد أن الإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره معناه أن ما قدره الله تعالى في الأزل لابد من وقوعه، وما لم يقدره يستحيل وقوعه، وبأنه تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق2.
ويُفَصَّل في الإيمان بالقدر بمثل ما نقل عن علماء السلف كابن تيمية وابن رجب وابن القيم فيقسمه إلى قسمين:
أحدهما: الإيمان بأنه تعالى سبق في علمه ما يفعله العباد من خير وشر، وما يجازون عليه، وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن الأعمال تجري على ما سبق علمه وكتابه.
الثاني: خلق أفعال العباد كلها من خير وشر وكفر وإيمان، وهذا القسم الذي ينكره القدرية كلهم.
وأن الأول لا ينكره إلا غلاتهم، وهو الذي كفرهم بإنكاره أكثر العلماء حيث أنكروا العلم القديم3.
ويعتقد ما عليه السلف أن الهداية والإضلال بيد الله سبحانه وتعالى، وأن الله قد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم داعيًا ومبلغًا وليس إليه من الهدى شيء، وأن إبليس خلق مزينًا للدنيا وليس إليه من الضلال شيء4.
__________
(1) راجع هذا النقل عنه ص 405 - 406 من هذا الكتاب.
(2) انظر: ص 516.
(3) انظر: ص 517.
(4) انظر: ص 213.
" قال موسى: يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به، قال: قل يا موسى لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله (رواه ابن حبان والحاكم...........................
__________
" قال موسى: يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به، قال: قل يا موسى لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع " فيه نص على أن الأرضين سبع كالسماوات، قال الله تعالى: {وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنّ} 1 " في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله "2 رواه ابن حبان3 والحاكم4
__________
(1) سورة الطلاق، الآية: 12.
(2) الترمذي: الفتن (2169) .
(3) هو: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد أبو حاتم التميمي البستي, حفاظ, إمام, ثقة, كان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار, وكان عالمًا بالطب والنجوم, أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل فحكموا عليه بالزندقة, وهجر وكتب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله. قال الذهبي: وهذا له محمل حسن, فإنه لم يرد حصر المبتدأ في الخبر, ومثله الحج عرفة, فهذا ذكر مهم الحج, وذاك ذكر مهم النبوة. انظر ترجمته في: ((تذكرة الحفاظ)) : (3/ 920-924) , ((سير أعلام النبوة)) : (16/ 92 -104) , ((الأعلام)) للزركلي: (6/ 78) .
(4) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الضبي النيسابوري, يعرف بابن البيع, الإمام, الحافظ, كان إمام أهل الحديث في عصره, نقل الذهبي عن ابن طاهر قال: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم؟ فقال: ثقة في الحديث, رافضي خبيث ... وكان شديد التعصب للشيعة في الباطن, وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة, وكان منحرفا عن معاوية وآله, متظاهرًا بذلك ولا يعتذر معه, ثم قال الذهبي عقبه: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر, وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي. انظر: ((سير أعلام النبلاء)) : (17/ 162-177) , ((تاريخ بغداد)) : (5/ 473-474) , ((وفيات الأعيان)) : (4/ 280-281) , ((تذكرة الحفاظ)) : (3/ 1039-1045) .

الصفحة 57