كتاب أدلة تحريم حلق اللحية

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا (¬1)، فَأَوْقَدَ نَارًا، وَقَالَ (¬2): ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا، وَقَالَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».
أخرجه البخاري ومسلم والسياق له وأبو داود والنسائي وأحمد. وقال إمام المحدثين البخاري رحمه الله: وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها (¬3).
وقال في الأدب المفرد: باب بر الوالدين ما لم يكن معصية (¬4).
وجاء في تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (¬5). الإحسان بالوالدين وجب بأمر الله تعالى، فلو ترك العبد عبادة الله تعالى لقول الوالدين لترك طاعة الله تعالى
¬__________
(¬1) وفي رواية: "واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا" متفق عليه.
(¬2) وفي رواية: "ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا وتطيعوا قالوا بلى. قال فادخلوها" متفق عليه.
(¬3) أنظر فتح الباري (2/ 125).
(¬4) فضل الله الصمد (1/ 77).
(¬5) العنكبوت: 8

الصفحة 106