كتاب أدلة تحريم حلق اللحية

نعم السيد قيس لبطولته وشهامته ولكن لا لحية له، فوالله لو كانت اللحية تشتري بالدراهم لاشترينا له لحية ليكمل رجلا.
وقسمة الدين إلى قشر ولب تؤثر في قلوب العوام أسوأ تأثير، وتورثهم الاستخفاف بالأحكام الظاهرة، وينتج عنها الإخلال بهذه الأمور التي سميت قشورا، فلا تلتفت قلوبهم إليها، فتخلو من أضعف الإيمان ألا وهو الإنكار القلبي الذي هو فرض عين على كل مسلم تجاه المنكرات.
ونحن إذا تسامحنا معهم في هذه القسمة إلى قشر ولب، فإننا نلفت أنظارهم إلى أن قياس أمور الدين على الثمار من حيث إن لكل منهما قشرا ولبا، وظاهرا وباطنا، لا يعني أن القشرة التي أوجدها الله للثمرة إنما خلقت عبثا، حاشا وكلا بل لحكمة عظيمة وهي المحافظة على ما دونها وهو اللب نفسه، وهذا يحملنا على أن لا نستهين بالقشر من حيث كونه حارسا أمينا على اللب، وهكذا الشأن في أمور الدين الظاهرة على التفصيل الذي تقدم قريبا من كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
ومن هذا القبيل تقسيم الدين إلى أصول وفروع، فإن العلماء الذين فعلوا ذلك لا يظن بهم أنهم قصدوا بذلك التقسيم إيجاب الاتفاق على الأصول، ثم التسامح مطلقا في الفروع، كما يظن بعض متفقهة هذا الزمان، فتراهم يميعون كل قضية فرعية بدعوى أن اختلاف الأمة ما دام في الفروع فهو رحمة، وهذا أصل قولهم: (من قلد عالما لقي الله سالما).
وهذا بدوره قد أدى ببعضهم إلى اتباع الهوى والترخص دون تحري الدليل، ويلزم من ذلك القول بأن الاتفاق سخط، وهذا ما لا يقوله مسلم، ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شرا كما قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره بل كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، لسعوا إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في كثير من هذه المسائل المتناقضة التي لا يمكن التوفيق بينها، إلا برر بعضها المخالف للدليل وقبول البعض الآخر الموافق له، وإلا فقد نسبوا إلى الشريعة للتناقص والله عز وجل يقول:

الصفحة 115