كتاب الفرقان في بيان إعجاز القرآن

وإن مما يلفت النظر وفيه عبرة لمن اعتبر أن بعض أذكياء الغربيين يصف الحال التي أوصلتهم إليها علومهم التجريبية بوصف يزيد المؤمن إيماناً ومعرفة بقدر العلم الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم حيث يقول: إن الوسط الذي أنشأته العلوم الطبيعية وعلم الصناعات للإنسان لا يناسب الإنسان لأنه مُرتجَل لم يقم على تصميم وتفكير سابق ولم يراعي فيه الإنسجام مع شخصية الإنسان.
إن هذا الوسط الذي هو وليد ذكائنا واختراعاتنا لا يُطابق قاماتنا ولا أشكالنا نحن غير مسرورين نحن في انحطاط في الأخلاق وفي العقول، إن الأمم التي ازدهرت فيها الحضارة الصناعية وبلغت أوجْها أضعف مما كانت وهي تسير سيراً حثيثاً إلى الهمجية ولكنها لا تدرك ذلك. انتهى.
وغير هذا الكلام كثير يقوله أذكياؤهم وعقلاؤهم لكن وُجد في صفوف المسلمين من يعزو هذه النتائج السيئة التي أثمرتها للغربيين علومهم ومخترعاتهم إلى ضعف الدين عندهم بمعنى أنها تناسب المسلمين إذْ لا يزال دينهم ظاهراً فيستعينون بها لتقويته، ومن هنا جاء البلاء لأننا في زمان يتكلم فيه بالدين من لا يعرفه، وهم الذين ورد ذكرهم في الحديث بأنهم يقيسون الأمور بآرائهم وأي شيء يَبْهر المسلم من هؤلاء الذين هم أضل من الأنعام، ومثالاً واحد نسوقه للعلم الذي ترك لنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الإشارة إلى معراجه صلى الله عليه وسلم وكيف فُتحت له أبواب السموات السبع التي لا يعرفها

الصفحة 459