كتاب الفرقان في بيان إعجاز القرآن

والصحيح أن الغرب صريع كبوته أسير غفلته ولم تزدهم هذه العلوم والخوارق إلا ضلالاً وبوراً وقد ذكرنا طرفاً من كلام بعض عقلائهم فيما مضى وفي غير هذه النبذة مما يصفون به حالهم وعلومهم ومخترعاتهم مما فيه كفاية لمن يتطلب الحق.
الثانية: نسبة أصول علومهم للمسلمين مثل ما ورد في هذا الكلام الذي نقلناه أنه لولا احتكاكهم بالحضارة الإسلامية إلى آخره فيجعل ذلك من مفاخر الإسلام وحضارة أهله وازدهارهم وهو باطل كما بيّناه لأنه من نكسات من يُنسبون إلى الإسلام، ليسوا ممن يمثله حقيقة مثل الصحابة والأئمة والعلماء بعدهم الذين لم ينحرفوا عن علم نبيهم صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: وهي كالنتيجة للشبهتين السابقتين وهي التي اغتر بها من اغتر وخدع بها من خدع كما يقال: (تمخض الجمل فولد فأراً) وهي أن الإسلام متخلف وأهله في انحطاط وقد فاتهم ركب الحضارة والتقدم والرقي وأن الغربيين سبقوا ونهضوا وتطوروا ومن هنا تسرّب الذل النفسي إلى النفوس المخدوعة بهذه الشبهات الباطلة فأنتج هذا كله وأثمر أن يُوَجّه أبناء المسلمين هذا التوجيه ويُصاح بهم هذا الصياح الذي يدعوا إلى غير الفلاح سابقوا ونافسوا إلى الحضارة والمدينة والتطور والرقي.
قال ابن القيم رحمه الله: ولما توفي موسى رفع التعطيل رأسه بينهم (يعني بني إسرائيل) فأقبلوا على علوم المعطلة وقَدّموها على نصوص

الصفحة 464