كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بِهِنَّ فلولٌ من قراع الكتائبِ (1) وكقول النابغة الجعدي: فتى كملت أخلاقُهُ غير أنه * جوادٌ فلا يُبقي من المال باقيا.
(2) فتى تَمَّ فيه ما يَسُرُّ صديقَهُ * على أن فيه ما يسوءُ الأعاديا وكقول الآخر: حليمٌ إذا ما الحلمُ زّيَّنَ أهله * مع الحلم في عين العدو مهيبُ (3) وكقول أبي تمام (4) : تنصل ربها من غير جرمٍ * إليك سوى النصيحةِ والودادِ (5) * * * ووجوه البديع كثيرة جداً، فاقتصرنا على ذكر بعضها، ونبهنا بذلك على ما لم نذكر، كراهة التطويل، فليس الغرض ذكر جميع أبواب البديع.
* * * / وقد قدر مقدرون أنه يمكن استفادة إعجاز القرآن من هذه الأبواب التي نقلناها، وأن ذلك مما يمكن الاستدلال به عليه.
وليس كذلك عندنا، لأن هذه الوجوه إذا وقع التنبيه عليها أمكن التوصل إليها بالتدريب والتعود والتصنع لها، وذلك كالشعر الذي إذا عرف الإنسان طريقه صح منه التعمل له وأمكنه نظمه.
والوجوه التى تقول: إن إعجاز القرآن يمكن أن يعلم منها، فليس مما يقدر البشر على التصنع له والتوصل إليه بحال.
ويبين ما قلنا: أن كثيرا من المحدثين (6)
__________
(1) ديوان النابغة الذبيانى ص 44 والصناعتين ص 324 والبديع ص 111 والعمدة 2 / 45 (2) الامالى 2 / 2 وفيه: " كملت خيرته " والشعر والشعراء 1 / 252 وأمالى المرتضى 1 / 194 وشرح الحماسة للتبريزي 3 / 19 والبديع ص 111 والصناعتين ص 324 والعمدة 2 / 46 (3) البيت لعريقة بن مسافع العبسى، كما في الاصمعيات ص 15 والامالي 2 / 149 (4) م: " كقول أبى التمام ".
(5) ديوانه ص 81 يعتذر إلى أحمد بن أبى دؤاد والموازنة ص 315.
(6) م: " قد تصنعوا لابواب الصنعة حتى حشى بعضهم شعره جميعا منها، واجتهد ألا يعن له بيت إلا وهو مملوء من الصنعة..في كلمته ".
(*)

الصفحة 107