كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

قد تصنع لأبواب الصنعة، حتى حشى جميع شعره منها، واجتهد ان لا يفوته بيت إلا وهو يملؤه من الصنعة، كما صنع أبو تمام في لاميته: متى أنت عن ذهلية الحى ذاهل * * وصدرك منها مدة الدهر آهل (1) تطل الطلول الدمع في كل موقف * وتمثل بالصبر الديار المواثل (2) دوارس لم يجف الربيع ربوعها * ولا مر في أغفالها وهو غافل (3)
/ فقد سحبت فيها السحاب ذيولها * وقد أخملت بالنور تلك الخمائل (4) تعفين من زاد العفاة إذا انتحى * على الحى صرف الازمة المتماحل (5) لهم سلف سمر العوالي وسامر * وفيهم جمال لا يغيض وجامل (6) ليالى أضللت العزاء وخزلت * بعقلك آرام الخدور العقائل (7) من الهيف لو أن الخلاخيل صيرت * لها وشحا جالت عليه الخلاخل (8) مها الوحش إلا أن هاتا أوانس * قنا الخط إلا أن تلك ذوايل (9) هوى كان خلسا إن من أطيب الهوى * هوى جلت في أفيائه وهو خامل (10) ومن الادباء من عاب عليه هذه الابيات ونحوها على ما قد تكلف (11) فيها من البديع، وتعمل من الصنعة، فقال: قد أذهب ماء هذا الشعر / ورونقه وفائدته،
__________
(1) ديوانه ص 255 وفيه " وقلبك منها " وذهلية: منسوبة إلى قبيلة ذهل (2) س " تطل طلول " ب " ويمثل " (3) في اللسان 14 / 11 " وكل ما لا علامة فيه ولا أثر عمارة من الارضين والطرق ونحوها: غفل، والجمع أغفال " (4) في الديوان " فيها السحائب ذيلها ... منها الخمائل " وم " فيها الخمائل " (5) م: " من دار العفاة " والديوان: " المتحامل " (6) سمر العوالي: الرماح.
وفى اللسان 13 / 131 " الجامل: قطيع من الابل معها رعيانها وأربابها، قال الخطيئة: فإن تلك ذا مال كثير فإنهم * لهم جامل ما يهدأ الليل سامره " (7) س، ك " وخذلت " م " وحولت " ا " وجولت ".
(8) راجع الموازنة 1 / 130 (9) راجع الموازنة 1 / 140 (10) م " في أثنائه " والديوان " إن من أحسن الهوى ".
(11) م " على ما تكلف " (*)

الصفحة 108