كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

وإذا هو يريد هذا بعينه: أن يعمل الابيات فلا يصيب فيها بيت نادر (1) ، كما أن الرامي إذا رمى برشقه فلم يصب بشئ (2) ، قيل: قد أخلى.
قال (3) : وكان " علي بن الجهم " أحسن الناس علما بالشعر (4) .
وقوم من أهل اللغة يميلون إلى الرصين من الكلام، الذي يجمع الغريب والمعاني، مثل أبي عمرو بن العلاء، وخلف الأحمر، والأصمعي.
/ ومنهم من يختار الوحشي من الشعر، كما اختار المفضل (5) للمنصور من " المفضليات " وقيل: إنه اختار ذلك لميله إلى ذلك الفن.
وذكر الحسن بن عبد الله: أنه أخبره بعض الكتاب عن علي بن العباس، قال: حضرت مع البحتري مجلس عبيد الله بن عبد الله بن طاهر (6) ، وقد سأل البحتري عن أبي نواس ومسلم بن الوليد: أيهما أشعر؟ فقال البحتري: أبو نواس أشعر.
فقال عبيد الله: إن أبا العباس ثعلباً لا يطابقك على قولك، ويفضل مسلماً.
فقال البحتري: ليس هذا من عمل ثعلب وذويه من المتعاطين لعلم الشعر دون عمله، إنما يعلم ذلك من دفع في مسلك (7) الشعر إلى مضايقه، وانتهى إلى ضرواته (8) .
فقال له عبيد الله (9) : وريت بك زنادي يا أبا عبادة، وقد وافق حكمك حكم أخيك بشار بن برد في جرير والفرزدق، [فإن دعبلا حدثنى عن أبى نواس، أنه حضر بشارا، وقد سئل عن جرير والفرزدق، و] (10) أيهما أشعر؟ فقال: جرير أشعرهما.
فقيل له: / بماذا؟ فقال: لأن جريراً يشتد، إذا شاء، وليس كذلك الفرزدق، لانه يشتد أبدا.
فقيل له: فإن يونس وأبا عبيدة يفضلان الفرزدق على جرير.
__________
(1) م " فيها بيتا نادرا " (2) م " شيئا " (3) سقطت كلمة " قال " من م (4) راجع أخبار أبى تمام ص 63 (5) م " اختار ذلك المفضل " (6) كان واليا على شرطة بغداد.
ولد سنة 213 وتوفى سنة 300 راجع ترجمته في وفيات الاعيان 2 / 304 - 306.
(7) س " وقع في سلك " م، أ " دفع في مسلك " (8) دلائل الاعجاز ص 195 (9) س " عبد (10) الزيادة من م، ا (*)

الصفحة 116