كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

دمشق من أصحابه من يوضح لهم الحق بالحجة.
فبعث القاضى تلميذه أبا عبد الله: الحسين بن حاتم الازدي، فعقد مجلس التذكير في جامع دمشق، في حلقة أبى الحسن بن داود، وذكر التوحيد، ونزه المعبود، ونفى عنه التشبيه والتحديد.
فخرج أهل دمشق من مجلسه يقولون: أحد أحد.
وأقام أبو عبد الله الازدي بدمشق مدة، ثم توجه إلى المغرب، فنشر العلم بتلك الناحية، واستوطن القيروان إلى أن مات بها رحمه الله " وإليه وإلى أبى طاهر الواعظ: يرجع الفضل في انتشار مذهب الباقلانى في المغرب.
(10) أبو عبد الرحمن السلمى: محمد بن الحسين الصوفى (330 - 412) .
وقد أخذ عن الباقلانى في أثناء إقامته مع عضد الدولة بشيراز، وقرأ عليه كتاب " اللمع " لابي الحسن الاشعري.
(11) أبو محمد بن أبى نصر.
قال القاضى عياض: " وتفقه عنه القاضى: أبو محمد بن [أبى] نصر، وعلق عنه، وحكى في كتبه ما شاهد من مناظرته في الفقه - بين يدى ولى العهد ببغداد - للمخالفين " (12) أبو حاتم: محمود بن الحسن الطبري، المعروف بالقزوينى، المتوفى سنة 414 بمدينة " آمل " التى ولد فيها، وكان قد قدم بغداد، ودرس على الباقلانى
أصول الفقه.
(13) القاضى أبو محمد: عبد الله بن محمد الاصبهاني، المعروف بابن اللبان الشافعي المتوفى بأصبهان سنة 446، وقد صحب الباقلانى ودرس عليه كتاب: " المقدمات في أصول الديانات " وكتاب: " أصول الفقه ".
(14) أبو بكر بن الحسين الاسكافي.
وهو الذى روى عن الباقلانى، خبر رحلة ابن خفيف الصوفى من شيراز إلى البصرة، لسماع أبى الحسن الاشعري كما في تبيين كذب المفترى ص 95 (15) أبو على: الحسن بن شاذان (339 - 426) (16) أبو القاسم: عبيد الله بن أحمد الصيرفى (355 - 435)
/ ومنها أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعاني اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب في البلاغة.
والتشابه في البراعة، على هذا الطول، وعلى هذا القدر.
وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم (1) قصائد محصورة، يقع فيها ما نبينه بعد هذا من الاختلال، ويعترضها ما نكشفه من الاختلاف، ويشملها (2) ما نبديه من التعمل والتكلف، والتجوز والتعسف.
وقد حصل القرآن على كثرته وطوله متناسباً في الفصاحة، على ما وصفه الله تعالى به، فقال عز من قائل: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها، مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) * (3) وقوله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (4) فأخبر سبحانه أن كلام الآدمي إن امتد وقع فيه التفاوت، وبان عليه الاختلال.
وهذا المعنى هو غير المعنى الأول الذي بدأنا بذكره، فتأمله تعرف الفصل (5) .
* * * / وفي ذلك معنى ثالث: وهو أن عجيب نظمه، وبديع تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين، على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها: من ذكر قصص ومواعظ واحتجاج، وحكم وأحكام، وإعذار وإنذار، ووعد ووعيد، وتبشير وتخويف، وأوصاف، وتعليم أخلاق كريمة، وشيم رفيعة، وسير مأثورة.
وغير ذلك من الوجوه التي يشتمل عليها.
ونجد كلام البليغ الكامل، والشاعر المفلق، والخطيب المصقع - يختلف على حسب اختلاف هذه الأمور.
فمن الشعراء من يجود في المدح دون الهجو.
ومنهم من يبرز في الهجو دون المدح.
ومنهم من يسبق في التقريط دون التأبين.
ومنهم من يجود في التأبين دون التقريط.
__________
(1) م: " شاعر " (2) س: " ويقع فيها " (3) سورة الزمر: 23 (4) سورة النساء: 82 (5) س: " الفضل " (*)

الصفحة 36