كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

به من الآيات، ودل به صدقهم من المعجزات.
وجمل من الكلام على سائر أهل الملل المخالفين لملة الاسلام، من اليهود والنصارى، والمجوس، وأهل التثنية، وأصحاب الطبائع، والمنجمين.
ونعقب ذلك بذكر أبواب الخلاف بين أهل الحق، وأهل التجسيم والتشبيه، وأهل القدر والاعتزال، والرافضة، والخوارج، وذكر جمل من مناقب الصحابة، وفضائل الائمة الاربعة، وأثبات إمامتهم، ووجه التأويل فيما شجر بينهم، ووجوب موالاتهم.
ولن آلو جهدا فيما يميل إليه سيدنا الامير - حرس الله مهجته، وأعلى كعبه - من الاختصار، وتحرير المعاني والادلة والالفاظ، وسلوك طريق العون على تأمل ما أودعه هذا الكتاب وإزالة الشكوك فيه والارتياب.
وأنا - بحول الله وقوته - أسارع إلى امتثال ما رسمه، وأقف عنده، وإلى الله - جل ذكره - أرغب في حسن التوفيق، والامداد بالتأييد
والتسديد " وقد أشار الباقلانى إلى " التمهيد "، في كتاب " هداية المسترشدين " حيث يقول " وقد تكلمنا في " التمهيد " بجمل على اليهود والنصارى والمجوس، تغنى الناظر فيها ".
كما أشار إليه أبو المظفر الاسفرايينى في " التبصير " ص 119، وابن قيم الجوزية في كتاب " اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية " ص 119، 120.
وقد طبع كتاب " التمهيد " في سنة 1366 هـ بتحقيق الاستاذين محمود محمد الخضيرى، ومحمد عبد الهادى أبو ريدة.
وقد تسرعا في نشره عن نسخة واحدة في مكتبة باريس، وهى نسخة تنقص فصولا كثيرة من الكتاب، يزيد عددها على عشرين بابا، كبابى " التعديل والتجوير "، و " القول في الامامة " اللذين نص الباقلانى على أنه قد عقدهما في كتابه! فهو يقول في ص 97: " وسنتكلم على هذا الباب وما يتصل به، في باب التعديل والتجوير من كتابنا هذا، إن شاء الله " ويقول في ص 140: " وسنقول في تفصيل الاخبار.
وغير ذلك من أحكام الاخبار، في باب القول في الامامة، إن شاء الله ".
(3) كتاب: " هداية المسترشدين، والمقنع في معرفة أصول الدين ".
يقول
بل هو على نهاية البلاغة وغاية البراعة.
فعلمنا بذلك أنه مما لا يقدر عليه البشر، لأن الذي يقدرون عليه قد بينا فيه التفاوت الكثير، عند التكرار وعند تباين الوجوه، واختلاف الاسباب التى يتضمن.
* * * ومعنى رابع: وهو أن كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتاً بيناً في الفصل والوصل، والعلو والنزول، والتقريب والتبعيد، وغير ذلك مما ينقسم إليه الخطاب عند النظم،
ويتصرف فيه القول عند الضم والجمع.
ألا ترى أن كثيراً من الشعراء قد وصف بالنقص عند التنقل من معنى إلى غيره، والخروج من باب إلى سواه.
حتى أن أهل الصنعة قد اتفقوا على تقصير البحتري، مع جودة نظمه، وحسن وصفه - في الخروج من النسيب إلى المديح.
وأطبقوا على أنه لا يحسنه، ولا يأتي فيه بشئ، وإنما اتفق له - في (1) مواضع معدودة - خروج يرتضى، وتنقل يستحسن.
/ وكذلك يختلف سبيل غيره عند الخروج من شئ إلى شئ، والتحول من باب إلى باب.
ونحن نفصل بعد هذا، ونفسر هذه الجملة، ونبين (2) أن القرآن - على اختلاف [فنونه و] ما يتصرف فيه من الوجوه الكثيرة والطرق المختلفة - يجعل المختلف كالمؤتلف، والمتباين كالمتناسب، والمتنافر في الأفراد إلى حد الآحاد.
وهذا أمر عجيب، تبين به الفصاحة، وتظهر به البلاغة، ويخرج معه الكلام عن حد العادة، ويتجاوز العرف.
* * * ومعنى خامس: وهو أن نظم القرآن وقع موقعاً في البلاغة يخرج عن عادة كلام (3) [الجن، كما يخرج عن عادة كلام الانس] .
فهم يعجزون عن الإتيان بمثله كعجزنا، ويقصرون دونه كقصورنا، وقد قال الله عز وجل: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (4)) .
__________
(1) م: " في قوله مواضع " (2) س: " على أن " (3) س: " كلام الانس والجن، فهم يعجزون " (4) سورة الاسراء: 88 (*)

الصفحة 38