كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

من المؤمنين - كل ذلك حق وصدق، يجب الايمان والقطع به، لان جميع ذلك غير مستحيل في العقل ".
ولقد نقل ابن قيم الجوزية في كتاب " اجتماع الجيوش الاسلامية، على غزو المعطلة والجهمية " أقوالا من كتب الباقلانى في صفات الله، ختمها بقوله ص 120: " ذكر قوله في رسالة الحرة.
قال في كلام ذكره في الصفات: إن له وجها ويدين، وإنه ينزل إلى سماء الدنيا.
ثم قال، وإنه استوى على عرشه، فاستولى على خلقه.
ففرق بين الاستواء الخاص، والاستيلاء العام ".
وما أشار إليه ابن قيم الجوزية من قول الباقلانى في الوجه واليدين، والاستواء على العرش مذكور في رسالة الحرة المسماة بالانصاف ص 21، 22 ونص عبارته في ذلك: "..وأخبر الله أنه ذو الوجه الباقي بعد تقضى الماضيات.
واليدين اللتين نطق بإثباتهما القرآن.
وأنهما ليستا جارحتين، ولا ذوى صورة وهيئة.
وأن الله جل ثناؤه مستو على العرش، ومستول على جميع خلقه، كما قال تعالى: " الرحمن على العرش استوى ".
بغير مماسة وكيفية، ولا مجاورة، وأنه في السماء إله وفى الارض إله، كما أخبر بذلك " وقد نقل منها ابن قيم الجوزية في كتاب تهذيب سنن أبى داود 7 / 103 وذلك قوله: " وقال أبو بكر بن الطيب المالكى الاشعري في رسالته المشهورة التى سماها " رسالة الحرة " وأن الله سبحانه مريد، كما قال: (فعال لما يريد) وقال: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال: (إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له: كن فيكون) وأن الله مستو على عرشه ومستول على جميع خلقه،
كما قال: (الرحمن على العرش استوى) بغير مماسة ولا كيفية ولا مجاورة " وما نقله ابن قيم الجوزية موجود بنصه في رسالة الحرة المطبوعة باسم الانصاف ص 22.
وهذا دليل آخر يؤيد ما ذهبت إليه من أن كتاب " الانصاف " إنما هو " رسالة الحرة " (17) كتاب: " التقريب والارشاد " في أصول الفقه.
قال القاضى عياض: إنه كتاب كبير.
وذكره أبو المظفر الاسفرايينى في كتاب التبصير ص 119،
ونحن نذكر بعد هذا على التفصيل ما تتصرف إليه هذه القصيدة ونظائرها ومنزلتها من البلاغة، ونذكر وجه فوت نظم القرآن محلها، على وجه يؤخذ باليد، ويتناول من كثب، ويتصور في النفس كتصور الاشكال، ليتبين ما ادعيناه من الفصاحة العجيبة للقرآن.
واعلم أن من قال من أصحابنا: إن الاحكام معللة بعلل موافقة لمقتضى العقل - جعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز، وجعل هذه الطريقة دلالة فيه، كنحو ما يعللون به الصلاة، ومعظم الفروض وأصولها.
ولهم في كثير من تلك العلل طرق قريبة، ووجوه تستحسن.
وأصحابنا من أهل " خراسان " يولعون بذلك، ولكن الأصل الذي يبنون عليه عندنا غير مستقيم.
وفي ذلك كلام يأتي في " كتابنا في الأصول ".
وقد يمكن في تفاصيل ما أوردنا من المعاني الزيادة والإفراد، فإنا جمعنا بين أمور، وذكرنا المزية المتعلقة بها، وكل واحد من تلك / الأمور مما قد يمكن اعتماده
في إظهار الاعجاز فيه.
فإن قيل: فهل تزعمون أنه معجز، لأنه حكاية لكلام القديم سبحانه، أو لأنه عبارة عنه، أو لأنه قديم في نفسه؟ قيل: لسنا نقول بأن الحروف قديمة، فكيف يصح التركيب على الفاسد؟ ولا نقول أيضاً: إن وجه الاعجاز في نظم القرآن [من أجل] أنه حكاية عن كلام الله (1) ، لأنه لو كان كذلك لكانت التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله عز وجل معجزات في النظم والتأليف.
وقد بينا أن إعجازها في غير ذلك.
وكذلك كان يجب أن تكون كل كلمة مفردة معجزة بنفسها ومنفردها، وقد ثبت خلاف ذلك.
__________
(1) س: " عن الكلام القديم " (*)

الصفحة 47