كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

الباقلانى، لكنه في أصول الفقه سلك في الغالب مذهب ابن الباقلانى، مذهب الواقفة وتصويب المجتهدين، ونحو ذلك، وضم إلى ذلك ما أخذه من كلام أبى زيد الدبوسي وغيره في القياس ونحوه.
وأما في الكلام فطريقته طريقة شيخه دون القاضى أبى بكر.
وأما شيخه أبو المعالى فمادته الكلامية أكثر من كلام القاضى أبى بكر ونحوه واستمد من كلام أبى هاشم الجبائى، على مختارات له.
وكان قد فسر الكلام على أبى قاسم الاسكافي.
عن أبى إسحاق الاسفراينى.
ولكن القاضى هو عندهم أولى.
ولقد خرج عن طريقة القاضى وذويه في مواضع إلى طريقة المعتزلة ".
(25) ومن ألد أعداء الاشعري والاشاعرة: أبو على الحسن بن على بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، الاهوازي (362 - 446) وقد ألف في مثالب الاشعري كتابا، رماه فيه بكل ما أمكنه ذكره من الامر الشنيع والوصف القبيح، كما رمى كبار أصحابه، وأعلام مذهبه، وقد نقض عليه كتابه الحافظ ابن عساكر في كتاب " تبيين كذب المفترى " ص 364 - 420 ومن قوله في ص 398: " وأما ما ذكره في حق القاضى أبى بكر بن الباقلانى رحمه الله من أنه كان أجير الفامى، وأنه إنما ارتفع قدره بمداخلة السلاطين لا بالعلم - فعين الجهل والتعامى.
وهل ينكر فضل القاضى أبى بكر في العلم والفهم من شم أدنى شمة من العلم؟ وتصانيفه في الخلق مبثوثة، وعلومه عنه مستفادة موروثة.
وقد كان يدرس المدة الطويلة في دار السلام، ويصنف الكتب الجليلة في قواعد الاسلام، ويؤخذ
عنه علم الفقه على مذهب مالك بن أنس، وينتفع بدروسه في أصول الدين والفقه كل مقتبس، والرحلة من الشرق والغرب، فقوله في حقه قول من لا يتحاشى من الكذب ".
والذى حدا بالأهوازي إلى الطعن في الاشعري ومتابعيه، أنه كان مشبها مجسما يقول بالظاهر، ويذهب مذهب السالمية، وهى فرقة من المشبهة، يقولون: إن الله سبحانه يرى في صورة آدمى، وإنه يقرأ على لسان كل قارئ، وإنهم إذا سمعوا القرآن من قارئ يرون أنهم يسمعونه من الله.
ويعتقدون أن الميت يأكل في قبره
هذا لما تعذر (1) عليهم مع التحدي والتقريع الشديد والحاجة الماسة إليه، مع علمهم بطريق وضع النظم والنثر، وتكامل أحوالهم فيه - دل على أنه اختص به ليكون دلالة على النبوة ومعجزة على الرسالة.
ولولا ذلك لكان القوم إذا اهتدوا في الابتداء إلى وضع هذه الوجوه التي يتصرف إليها الخطاب على براعته وحسن
انتظامه، فلأن يقدروا بعد التنبيه على وجهه والتحدي إليه، أولى أن يبادروا إليه، لو كان لهم إليه سبيل.
/ ولو كان الأمر على ما ذكره السائل: لوجب أن لا يتحيروا في أمرهم، أو لا تدخل عليهم شبهة فيما نابهم (2) ، ولكانوا يسرعون إلى الجواب ويبادون إلى المعارضة.
ومعلوم من حالهم أن الواحد منهم يقصد إلى الامور البعيدة عن الوهم، والأسباب التي لا يحتاج إليها، فيكثر فيها من شعر ورجز، ونجد من يعينه على نقله عنه، على ما قدمنا ذكره من وصف الإبل ونتاجها، وكثير من أمرها لا فائدة في الاشتغال به في دين ولا دنيا.
ثم كانوا يتفاخرون باللسن والذلاقة والفصاحة والذرابة (3) ، ويتنافرون فيه وتجري بينهم فيه الأسباب المنقولة في الآثار، على ما لا يخفى على أهله.
فاستدللنا بتحيرهم في أمر (4) القرآن على خروجه من عادة كلامهم، ووقوعه موقعاً يخرق العادات.
وهذه سبيل المعجزات.
فبان بما قلنا أن الحروف التي وقعت في الفواصل متناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع، لا يخرجها عن حدها، ولا يدخلها في باب السجع.
وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء، فكان / بعض مصاريعه (5) كلمتين، وبعضها أربع (6) كلمات، ولا يرون في ذلك فصاحة، بل يرونه عجزا.
فلو رأوا أن ما تُلِيَ عليهم من القرآن سجع لقالوا: نحن نعارضه بسجع
__________
(1) س: " إنما تعذر " (2) م: " عليهم فيه شبهة فيما يأتيهم " (3) س: " والدارية "
(4) م: " في القرآن " (5) م: " مصراعيه " (6) س: " تبلغ كلمات " (*)

الصفحة 64