كتاب إعجاز القرآن للباقلاني

وكقول القائل: وإذا الدر زان حسن وجوه * كان للدر حسنُ وجهِكَ زينا (1) وقد يدخل في هذا الباب قوله تعالى: (يُولِجُ اللَّيْلَ في النهار ويولج
النهار في الليل) (2) .
* * * ومن البديع: " الالتفات " فمن ذلك ما كتب إلى الحسن بن عبد الله العسكري، أخبرنا محمد بن يحيى (3) الصولى، [قال] : حدثني يحيى بن علي المنجم، عن أبيه، عن إسحاق بن إبراهيم، قال: قال لي الأصمعي: أتعرف التفاتات جرير؟ قلت: لا، فما هي؟ قال: أتنسى إذ تودِّعُنا سليمى * بفرعِ بشامةٍ؟ سُقي البشامُ (4) / ومثل ذلك لجرير: متى كان الخيام بذي طلوح * - سقيتِ الغيثَ - أيتُها الخيامُ؟ (5) ومعنى الالتفاتات أنه اعترض في الكلام (6) قوله: " سقيت الغيث "، ولو لم يعترض لم يكن ذلك التفاتاً، وكان الكلام منتظماً، وكان يقول: " متى كان الخيام بذي طلوح أيتها الخيام "؟ فمتى خرج عن الكلام الأول ثم رجع إليه على وجه يلطف - كان ذلك التفاتا.
ومثله قول النابعة الجعدي: ألا زعمت بنو سعد بأني * - ألا كذبوا - كبير السن فانى (7)
__________
(1) البيت لمالك بن أسماء بن خارجة كما في أمالى المرتضى 2 / 91 والموشح ص 220 وهو غير منسوب في البيان والتبيين 1 / 195 (2) سورة الحج: 61 (3) س، ك " محمد بن عبد الله الصولى " (4) ديوانه ص 512 والبديع ص 107 والصناعتين ص 311 واللسان 14 / 317 والعمدة 2 / 44 والبشام كما في اللسان 14 / 316 " شجر طيب الريح والطعم يستاك به ".
(5) ديوانه ص 512 والبديع ص 107 واللسان 19 / 68 وذو طلوح: اسم موضع (6) قال ابن المعتز في البديع ص 106 " الالتفات هو انصراف المتكلم عن المخاطبة إلى
الاخبار وعن الاخبار إلى المخاطبة ... ".
(7) البديع 108 والصناعتين 312 والمعمرين ص 64 وفية " بنو كعب " والعمدة 2 / 43 وفى م " ألا كذبت ".
(*)

الصفحة 99