كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

كلمة المترجم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله المرتضى، ونبيه المجتبى محمد وآله وأصحابه الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:- فإن من نعم الله على الناس أنه لم يتركهم بعد ما خلقهم حيارى يتيهون في ظلمات البر والبحر بدون هدي ولا كتاب منير، بل أرسل إليهم من أنفسهم رسلا ليرشدوهم إلى الحق، وينقذوهم من الضلال. وكان آخرهم رسولنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أكمل الله به الدين ورضي الإسلام دينا إلى يوم القيامة، وانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى بعد ما تركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
وضمن الله تعالى حفظ الإسلام ورعايته إلى يوم القيامة، فخلق علماء جهابذة في كل عصر يتبعون سنة النبي الكريم، ويحيون ما اندرس منها، ويبينون للناس معالم الهدى والرشد، ويردونهم إلى السنة النبوية بعد ما غفلوا وجهلوا، فقد قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" 23.
ومازال علماء الحق ودعاة الرشد يبذلون جهودهم لحماية عقيدة الإسلام وشريعته إلى يومنا هذا، فيردون كيد الكائدين وانحراف الزائغين، ويذكرون الغافلين. وكان من هؤلاء المجددين المجاهدين الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي - رحمه الله - فقد ولد في عصر انتشرت فيه الضلالات، ونسيت العقيدة الإسلامية الصحيحة. ولما رأى محمد بن عبد الوهاب أن الشر قد اشتدت شوكته، وضعف أهل الحق وجبنوا، قام بتوفيق من الله - سبحانه وتعالى - يرد على الضلالات، وينير مصابيح الهدى
__________
1 سورة الحجر آية: 9.
2 أبو داود: الملاحم (4291) .
3 سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 11 / 385.

الصفحة 12