كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

في دياجير الظلمات. ولكن الأمة الإسلامية التي كانت قد خرجت ترفع لواء التوحيد في يوم من الأيام، قد نسيت رسالته الخالدة فحاربته وقاومته عن جهل وضلال.
ولقد أوذي محمد بن عبد الوهاب أشد الإيذاء، وعانى أشد المصائب والمحن، ولكن مازال يستمر قدما في طريقه غير مبال بمخالفة ذوي الأهواء، واستفزازات أهل المطامع حتى تبين الحق وتجلى. ورجع عدد كبير من الناس إلى تلك المحجة البيضاء التي تركهم عليها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، وعم في العالم الإسلامي نور الهدى والرشد، واستيقظ المسلمون من سباتهم. حتى بدت تباشير النهضة الإسلامية الشاملة التي نشاهدها في العالم الإسلامي، وحتى قامت تلك الدولة الإسلامية التي طبقت الشريعة الإسلامية في هذا العصر، وأصبحت نموذجا للآخرين، وردت عمليا على كثير من الأوهام والشبهات التي كانت تثار الفينة بعد الفينة من أعداء الإسلام. ولما كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هكذا.
ولما كانت نتائج هذه الحركة الإسلامية تبلغ هذا المدى، كان حقا على المسلمين عامة، وعلى طلبة العلم خاصة أن يعرفوها ويقدروها حق قدرها، ويقدموها لسائر الناس، ويدفعوا عنها التهم والافتراءات التي مازالت تثار من جهة بعض الطامعين في الجاه والمال من العلماء والجهال. وكانت هذه هي العوامل التي حفزتني إلى دراسة سيرة هذا الداعية المجاهد، وحركتني إلى معرفة رسالته وطريقته في الدعوة والإصلاح.
ولقد درست الكثير من الكتب التي ألفت للبحث في سيرته ودعوته، فرأيت أن كتاب الأستاذ مسعود عالم الندوي رحمه الله يمتاز من بين هذه الكتب بعدة مزايا:-
1. إن المؤلف لا تربطه بالدعوة وأصحابها أي رابطة وطن أو نسب، فقد ألفه نصرا للحق وأداء للواجب بعيدا عن مركز الدعوة ونائيا عن أصحابها، ملتزما التجرد والإنصاف في كل القضايا التي ناقشها وبحثها.
2. إنه اطلع على كثير من الكتب التي ألفت في الرد على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والطعن في سيرته ودعوته، وكذلك درس الكثير مما كتب في الرد على الكتب المذكورة وفي الدفاع عن الدعوة وصاحبها. وهكذا تمكن من تكوين آراء صائبة وسديدة، وقلما يتسنى ذلك لغيره.

الصفحة 13