كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

ولو لم يكن كذلك لرد عليه المخالفون.
والقرآن نفسه يذم الكفار بأنهم يستعيذون بغير الله أي الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 1، ولذلك اعترض شيخ الإسلام على قول صاحب "البردة":
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
...
ولا شك بأن قوله "مالي من ألوذ به سواك" لا يليق إلا بالله تعالى.
وحتى الشوكاني مع تساهله في مسألة التوسل قد اعترض على هذا الشعر2.
5- الحلف بغير الله:
إن الحلف بغير الله أيضا ينافي التوحيد، وليست هذه المسألة مما اختلف فيه، بل قد اتفق عليها العلماء لكن العوام بل حتى بعض الخواص قد وقعوا في هذه البلية.
وجميع بلاد المسلمين قد راج فيها الحلف بالأنبياء والأولياء حتى لو أنكرت على أحد ونهيته عن هذا يتهمك باللادينية أو على الأقل بالوهابية بدلا من أن يمتنع عنه، مع أن الترمذي أخرج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف بغير الله فقد أشرك " 34 فقد سمى الحلف بغير الله شركا. وهل هناك نهي أشد من هذا.
ولهذا قال أبو حنيفة: "لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك أو بحق خلقك".
__________
1 سورة الجن آية: 6.
2 الدر النضير: 29.
3 الترمذي: النذور والأيمان (1535) , وأبو داود: الأيمان والنذور (3251) , وأحمد (2/34 ,2/69 ,2/86 ,2/125) .
4 تحفة الأحوذي 5: 135. ونص الحديث هناك هكذا: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" وقال الترمذي: هذا حديث حسن. "المترجم".

الصفحة 158