كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

1250هـ)
- فضلا عن الآخرين- لم يتمكن من معرفة صحيحة لمذهب أهل نجد في هذا الباب وهو نفسه يشكو هذا: " ... ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلا تحت دولة صاحب نجد وممتثلا لأوامره خارج عن الإسلام، وتبلغ عنهم أشياء الله أعلم بصحتها1 ".
ثم بعد قليل خالفه في قتاله لمن يترك صلاة الجماعة إلا أنه يبيح تكفير من يترك الصلاة2.
__________
1 البدر الطالع 2: 5.
2 المرجع السابق. لقد كتب الإمام الشوكاني كتابه البدر الطالع أيام كانت الحروب قائمة على قدم وساق بين الأمير عبد العزيز ابن سعود والشريف غالب، وليس من الغريب في هذه الأحوال أن تشتد الحرب النفسية، وتكثر الدعايات والشائعات، وخاصة على أهل نجد، فقد امتلأت الدنيا بالافتراءات والأكاذيب التي نسبت إليهم، وليس من الغريب أيضا أن تبلغ هذه الشائعات بلاد اليمن المجاورة، ويبلغ إلى الشوكاني ما لم يعلم صحته، ولكن مع ذلك نرى الإمام الشوكاني يتلمس الحقائق ويتنسم عطور العقيدة الإسلامية والتوحيد الخالص، والفضل في ذلك راجع إلى ما أعطاه الله من الحظ الوافر في علوم الكتاب والسنة النبوية.
ونرى هذا واضحا في تعليقاته على بعض هذه الأخبار فيقول: "ولقد رأيت كتابا من صاحب نجد الذي هو الآن صاحب تلك الجهات أجاب بعض أهل العلم، وقد كاتبه رسالة في بيان ما يعتقد فرأيت جوابه مشتملا على اعتقاد حسن موافق للكتاب والسنة فالله أعلم بحقيقة الحال" 2 / 7 ثم قال بعد ذلك:
"وفي سنة 1215 هـ وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان أرسل بها إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله ... وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة". كل هذا التحفظ والتوقف كان في بداية الأمر، ولكن سرعان ما تبددت الظلمات وانقشعت سحب الشائعات والافتراءات، وأدرك الإمام الشوكاني أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كل همه أن يعلي كلمة الإسلام ويطبقه في المسلمين عقيدة وشريعة وسياسة، ونرى أثر هذا واضحا جليا في تلك القصيدة البليغة التي قالها الشوكاني حينما بلغه خبر وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، وما أحسن ما قال:
لقد مات طود العلم قطب رحى العلا ... ومركز أدوار الفحول الأفاضل
وماتت علوم الدين طرا بموته ... وغيب وجه الحق تحت الجنادل
إمام الهدى ماحي الردى قامع العد ... ومروي الصدى من فيض علم ونائل
إمام الورى علامة العصر قد وتى ... وشيخ الشيوخ الجد فرد الفضائل

الصفحة 177