كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

للإمامة مع صغره. تزوج وهو صغير السن، ثم أدى فريضة الحج، وأقام شهرين في المدينة المنورة، ثم رجع إلى العيينة، واشتغل في طلب العلم من والده، ونسخ المذكرات والكتب العلمية حتى إنه كان يكتب عشرين صفحة في جلسة واحدة1.
في سبيل العلم:
كانت القدرة الإلهية قد وهبت ابن عبد الوهاب قلبا مرهف الحس شديد التأثر، وكان يتألم أشد الألم لما يرى حوله من الحالة البائسة للقرى والمدن في نجد، وكان العلماء في حالة سيئة فضلا عن العوام. وقد أخذ محمد عن والده عبد الوهاب كل ما كان يستطيع، وكان والده من كبار علماء نجد، ولم يأل جهدا في تعليم ولده، ولكن كيف يمكن لمجدد المستقبل ومصلحه أن يرتوي غرفتين من الماء.
وكان قد تشرف بحج بيت الله الحرام، وكانت مركزية الحجاز قد أثرت في نفسه، وحينما فكر في طلب العلم قصد الحجاز، وحينما كان الشاب الطامح في العشرين من عمره خرج يجول ويصول في الفيافي طلبا لليلى العلم وتوجه إلى الحجاز2.
حج بيت الله وزار المسجد النبوي مرة ثانية، ثم حضر مجالس العلماء، وانقطع لطلب العلم واستفاد بالخصوص بصحبة الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، أحد العلماء المشهورين من المجمعة في بلاد نجد، وكان قد سكن في جوار الرسول عليه الصلاة والسلام3.
وتستطيع أن تعرف جلالة قدر الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني وإخلاصه من هذه الرواية التي رواها الشيخ محمد بن عبد الوهاب. قال:
__________
1 ابن غنام: 1 / 30.
2 هذه قصة سنة 1135 هـ تقريبا.
3 كان الشيخ عبد الله بن إبراهيم من الفقهاء المشهورين في زمانه. سافر إلى الشام واستفاد بعالمه الحنبلي الشهير الشيخ أبو المواهب الحنبلي (م 1126 هـ) ، وكان ابنه إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم (م 1185 هـ) من العلماء المعروفين أيضا وكتابه "العذب الفائض في شرح ألفية الفرائض" من الكتب المشهورة. (السحب الوابلة- ص 11 , 12) .

الصفحة 32