كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

الشيخ يصدع بدعوته والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وآن لأهل العيينة أن تخشع قلوبهم لقبول الحق رويدا رويدا.
وفي هذه المدة تصدى الشيخ للقضاء على بعض مراكز البدع، ونجح في مهمته هذه، فقد كانت هناك بعض الأشجار تعظم في هذه الناحية فقلعها من أساسها1. وكان يوجد قبر باسم زيد بن الخطاب رضي الله عنه2 كان استشهد يوم اليمامة كان هذا القبر في الجبيلة، وعليه قبة فهدمها ولم يكن هذا أمرا هينا حينذاك. ويذكر ابن بشر قصة هدم القبة فيقول:
"فقال لعثمان: دعنا نهدم هذه القبة التي وضعت على الباطل، وضل بها الناس عن الهدى. فقال: دونكها فاهدمها.
فقال الشيخ: أخاف من أهل الجبيلة أن يوقعوا بنا، ولا أستطيع هدمها إلا وأنت معي.
__________
1 كانت في بلاد نجد عدة أشجار تعبد من دون الله. وذكر الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار نقلا عن ابن غنام: كان في بليدة القداء ذكر النخل المعروف بالفحال يقصده الرجال والنساء، ويفعلون عنده من المنكر ما يأباه الدين والذوق والعقل، ويعملون بين يديه من أعمال العبادة ما لا يصلح عمله إلا لله وحده. فالرجل المضيق عليه في الرزق والمكروب والمريض يطلبون إلى الفحال أن يوسع الرزق ويفرج الكرب ويشفي المرض. والمرأة التي لم يتقدم إليها خاطب تتوسل إليه في خضوع وتقول له: "يا فحل الفحول ارزقني زوجا قبل الحول" فإذا أتمت ابتهالها إليه انصرفت إلى الشبان تغريهم، فإذا تزوجت أحدهم خيل إليها أن ذلك من عمل فحل الفحول. وكذلك قدسوا "شجرة الطرفية" تقديسا كبيرا، فإذا ولدت المرأة ذكرا علقت عليها حبلا أو قطعة من نسيج رجاء أن تطيل الطرفية عمره، فكان الرائي إذا أبصرها لا يكاد يبصر الأغصان والأوراق والساق، بل يظن الرائي أول وهلة أن ما يرى ليس إلا كومة من الحبال وقطع النسيج لكثرتها. (محمد بن عبد الوهاب لأحمد عبد الغفور عطار ص: 20- 21 الطبعة الثانية) "المترجم".
2 زيد بن الخطاب هذا هو أخو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وكان من جملة الشهداء الذين استشهدوا في معركة اليمامة في قتال مسيلمة الكذاب سنة 12 هـ. وكانت هذه القبة إحدى مراكز البدع والوثنية تشد إليها الرحال للاستغاثة والنذر والذبح وغير ذلك "المترجم".

الصفحة 38