كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

يوجب الرجم فأمر بها فرجمت-، وأول من تقدمت يده إلى الحجر كان عثمان1 ".أثارت هذه الحادثة المفاجئة بلبلة في الأطراف والنواحي، وخاصة في محافل المتعودين بالجرائم، فامتعضوا أشد الامتعاض، وبلغ الوشاة والنمامون ذلك إلى سليمان بن عريعر الحميدي أمير الأحساء والقطيف، وحرضوه على معاداة الشيخ، وكان هذا الرجل منحرف المزاج خليعا متهتكا، وكان من المتوقع تماما عن أمثال هؤلاء أن يغضبوا ويثوروا على حادثة الرجم، وقال له القائلون: إن هذا الرجل ابن عبد الوهاب يريد أن يسلب عنك حريتك، وكان الكلام مؤثرا فوقع في قلبه، فكتب إلى أمير العيينة عثمان بن معمر مهددا:
"إن هذا المطوع2 الذي عندك قد فعل وفعل ... وقال اقتله، فإن لم تفعل قطعنا خراجك الذي عندنا في الأحساء3 ".
وكان المبلغ كبيرا أي ألفا ومائتي دينار سنويا عدا الأمتعة والأموال، فوقع عثمان في حيرة وغلب طمع الدنيا على حماية دعوة التوحيد، ولعل الدعوة لم تكن قد رسخت في قلبه بعد، ولعله ما كان يعرف تلك النعم التي تنزل على من يقوم بنصرة الحق. وفي هذه الحيرة والاضطراب أخبر الشيخ برسالة أمير الأحساء.
فأراد الشيخ أن يطمئنه وحاول تفهيمه بيقين الواثق، وإليك كلمات الشيخ هذه كما أوردها ابن بشر: "إن هذا الذي أنا قمت به، ودعوت إليه كلمة لا اله إلا الله، وأركان الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أنت تمسكت به ونصرته، فإن الله سبحانه يظهرك على أعدائك، فلا يزعجك سليمان ولا يفزعك4.بذل الشيخ كل جهوده في إقناعه، ولكن إذا سيطر على القلوب خوف زوال الدنيا فلا تؤثر حينذاك أي موعظة ولا تنجح أي نصيحة، خجل عثمان أول الأمر بنصيحة
__________
1 روضة الأفكار 2: 23. عنوان المجد 1: 10.
2 المطوع: هو الفقيه أو العالم في لغة أهل نجد وجمعه مطاوعة وفي جماعة الإخوان الجديدة أيضا تسمى جماعة الدعاة بالمطاوعة.
3 عنوان المجد 1: 10.
4 عنوان المجد 1: 10.

الصفحة 40